PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : الميديا … و عبودية الحياة



عبادي فنان العالم
01-05-2014, 05:46 PM
نور أدهم : الميديا … و عبودية الحياة

----------------------------------------------------------------

الميديا .. الإعلام .. الفيس بوك .. يوتيوب .. إنها قنبلة يومية تحتك بها لتسمم أفكارك و تبعثك على ما أنت رغما عنه …. تغير معايير الإختيار عندك فأصبحت الدراما معيار الحياة ، لا أقصد الدراما الموجهة التي تستوجب على الشعوب نمطية الفكر و لكن أقصد الإعلام عموما .. أن تسقط أسير لدراما و حبكة واقعية .. اناس مصطنعون .. صوغوا أحداث واقعية أو كاذبة لجعلك أسير لحظات إليها ثم ساعات .. كطبطبة و سلوى النفس العبثية .. تاركه ندبة في قلبك بإعادة معاييرك و ربط كل شئ بالدراما ..

تتناسى الدراما الآف العلاقات البشرية المفهومة و الغير مفهومة و أيا كانت واقعيتها فهي أكذوبة مكتوبة ..

حتى و أصبحت الدراما معيار لا شعوري لكثير من توجهاتنا و معيارنا و مقياسنا للأمور بل و توقعنا لنتائجها و إن فشلت .. أصبنا بإحباط شديد .. اصبحت الحياة الدرامية الكاذبة .. والشخوص الدرامية المزيفة .. ذات تأثير قوي للغاية في حياة الحقيقة والواقع

الدراما سبب للمشاكل النفسية ..نعم ..إنها كذلك لأننا أصبحنا كائنات مشوهة .. ناتجة من عبث أفكار إنفعالية مؤقتة .. منفصلة عن الحياة الفعلية التي تلعب علي كل اوتار النفوس من ذهن وانفعال وروح لذا فتشكيلها للشخصية اكثر ثباتا وصرامة ..و يبدأ الصراع اللاشعوري بين الواقع كما عشناه و بين الدراما كما عاهدناها ... لتصاغ لنا حياتنا بمعايير مختلفة ..ممسوخة ..مشوهة و أحيانا مستهدفة ..لتفشل كلما حاولت أن تتحسس نفسك من جديد

الميديا ، مجلات الموضة ، الدراما ، شبكات التواصل انها حقا تدمرنا .. تعبث برؤيتنا لذاتنا .. صورتنا الداخلية عنا .. تشعرنا بشيء من الدونية .. تنهك تقديرنا لأنفسنا .. ببساطة تقدم لنا قوالب جاهزة محببة و أشهى .. تغذينا كيف نشتري و ما نشتري ..تشكلنا كطفل الصلصال ماذا نريد و ماذا لا .. بماذا نؤمن .. ماذا نحب .. صورة مهزوزة ..أكذوبة ..عالم إفتراضي .. يزيد العالم الواقعي إحباطا ….توترا ..و من ثم إنهيار أنفسنا ….فقدان هدفنا شيئا فشيئا و إعادة صياغته بقوالب جاهزة مقدمة مسبقا من صورة درامية ..

شبكات التواصل الإجتماعي أجادتنا التزيف .. لبس الأقنعة .. كيف نكون غير أنفسنا لنحظى بإعجاب .. أو إبتسامة أو تقدير أو تعليق ..علمتنا أن نتجمل .. نتصنع … نتزيف .. نكون غيرنا .. لنحب ذاتنا .. حتى نسينا من نحن .. و أجدنا إرتداء الأقنعة ..
صرنا مدمنين .. كامل الإدمان .. حتى إن فقدنا الإنترنت بضع دقائق صرنا نفرك .. نثور .. نتعصب .. نتحرك .. ندعو أن تأتي مسرعة لنا الجرعة القادمة …. فالوقت أبطأ جدا دون الإنترنت .. دون الدراما و الميديا …. ليس ابطء .. ذاك هو الزمن الحقيقي

انما الميديا السارق الخفي الاشرس .. تسرق الوقت بلا شعور بالجناية ..
يوم واحد دونها تشعر ان العمر اكبر .. والحياة اطول .. والوقت ابرك ..
هي تدمر قيمنا .. وصورتنا عند انفسنا ومن حولنا .. وتسرق اوقاتنا .. وتحبط ابداعاتنا .. تكبل شطحاتنا و أفكارنا الجامحة بأسوار قواعدها المعلبة و قوالبها الجاهزة الشهية العبثية.. هي تمنحنا حالة من القلق ,.. العجلة .. الهياج .. التوتر اليومي .. حالة من الشبق العام .. من الطمع في ماهو لاشيء .. تفقدنا إحساسنا بنا و تزيف واقعنا … تجعلنا استهلاكيين … شيئيين .. جسديين .. مادييين ..


هل من الممكن أن تتخلى عن الميديا المصنعة …. و تكون ذاتك كما تحب يوما ما ..؟