PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : طلال مداح .. نهر الإبداع الخالد المسكون بالتجديد والثورة على تقاليد الغناء البالية



ليل و طرب
13-08-2014, 04:41 AM
http://www3.0zz0.com/2014/08/13/01/273822564.jpg (http://www.0zz0.com)

رؤية درامية متفردة للعالم عبر الموسيقى

طلال مداح .. نهر الإبداع الخالد المسكون بالتجديد والثورة على تقاليد الغناء البالية

عبدالله الحسني

تأتي ذكرى رحيل صوت الأرض طلال مداح –رحمه الله- دون احتفاء حقيقي يليق بها ودون إدراك لمغزى هذا الاحتفاء. ويبقى غياب طلال عن الساحة الفنية الحاضر الأكبر في هموم الموسيقى والفن ليؤكد أن الفراغ الذي خلّفه لا يزال شاغراً وأن من بقي بعده لم يكن خليقاً بشغر هذا الفراغ سيما وأنهم حادوا عن الطريق القويمة وبات ما يقدمونه ضجيجاً وعبثاً لا يمنحان أي متعة جمالية أو ذوقية.

ونحن هنا إذ نحتفي بذكرى هذا الطود الموسيقي ليس الهدف تمجيده والتغني بتراثه فحسب بل الهدف لفت النظر إلى محاولاته التجديدية العظيمة التي بدأها منذ أن شق طريق ابداعه في الساحة الفنية بثورته التجديدية الغنائية غير المسبوقة ما يعني أن إحياء تراثه التجديدي وما رافقها من عناصر نماء وتطور في الفكر الموسيقي الذي شكل إرثه الفني وإزاحة ركام الإهمال والجهل به من قبل الكثير هو مهمة وطنية قبل أن تكون فنية وموسيقية.

ومن نافلة القول التذكير بأن عبقرية طلال مداح كانت في ثورته التجديدية العاصفة التي قلبت موازين الغناء في الجزيرة العربية بعد ولوجه عالم الإبداع عبر أغنية «وردك يا زارع الورد» ذات اللحن الذي تحرر من ربقة جمود ألحان تلك الفترة البدائية للأغنية فقد كانت الأغنية قبل طلال مداح تركيباً هزيلاً سطحياً لا يلامس العاطفة والذوق وكان متلقّو هذه الألحان لا تتجاوز آفاقهم نسائم الوعي والإحساس البسيط الساذج؛ لكن طلال بما يمتلكه من جرأة وروح مغامرة استطاع أن يشق نهر إبداعه بلا تردد ويحدث تلك الإنقصافة الشعورية والذوقية لدى المتلقي الذي أخذ يتساءل بدهشة عن هذا الفتى الصغير الذي جاء بما لم يأت به من سبقه فيما الفتى طلال يمارس التجريب واجتراح آفاق إبداعية مختلفة كانت ولا زالت تعتمل داخل روحه المنصهرة تحديثاً وشغفاً تجريبياً في الموسيقى التي استهوته مذ كان طفلاً يشكو العزلة والحرمان جراء فقده المبكر لوالدته وهو لم يجاوز العامين.

فهذا الطفل رقيق الملامح والجسم والقلب والذي أبصر نور الحياة عام 1940 لم يهنأ بحنان والدته سوى أشهر ما أسهم في حالة الشعور الدائم باليتم الذي انعكس حزناً في صوته وموسيقاه. وكما هو معروف عن طفولته كانت مسكونة بحب الايقاع والموسيقى وبدأ ينمو على إيقاع الموسيقى ويقال إنه كان يأكل بنهم إذا استمع للموسيقى وكانت ملامحه تشي بالسعادة إذا استمع للموسيقى وكان إذا بكى لا يوقف بكاءه إلا الموسيقى وكان هذا قدر طلال إذ تناديه نبوءة الإبداع لصوت الموسيقى.


طلال مداح

وكان حب طلال مداح للموسيقى جعله شغوفاً بمعرفة الآلات ومحاولة العزف عليها جميعاً وهو ما تحقق له فعلاً بعد مراس ودأب قاده إليه شغفه الفني الرحيب وعن هذا يقول طلال مداح: «البداية كانت في حفل عرس أحياه الموسيقار طارق عبدالحكيم في الطائف حيث شاهدت وقتها ولأول مرة في حياتي فرقة أوركسترا متكاملة وشاهدت آلات لم أرها في حياتي لكني كنت أعرفها من خلال السماع عبر المذياع لكن أكثر ما شدّني هو آلة العود بنغمها الساحر وباتت الآلة الأقرب إلى نفسي»، ثم تشاء الصدف الجميلة أن يقوم أحد أصدقائه في الطائف بترك آلة العود لدى طلال بسبب التضييق على من يتعاطى الفن في تلك الفترة من قبل الأسر ويقول طلال: «كان صديقي يأتي منزلي بعد الفراغ من عمله ويتدرب على العود لمدة ساعة ثم يغادر وأبقى أنا والعود في خلوة لا تقل عن ثلاث وعشرين ساعة كنت أعلم نفسي على هذه الآلة حتى تدرجت في العزف بالأغاني البسيطة إلى أن أصبحت أغني للعائلة وأصدقاء الوالد وأصدقاء أصدقائه لتتسع الدائرة حتى عرفني مجتمع الطائف وأصبحت أغني في الحفلات خصوصاً تلك التي يقدم فيها الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- والتي كان يقيمها له عمد الأحياء إلى أن سمعني عباس غزاوي مراقب عام برامج الإذاعة الذي سمعني ثم طلب مني أن أغني للإذاعة وبالفعل قمت بالغناء في أول حفل يذاع مباشرة عبر الإذاعة».


الحديث عن طلال مداح ونهر إبداعه المتدفق يبدأ ولا ينتهي فهو من التنوع والثراء ما يصعب تناوله في عجالة كهذه لكن من الضروري الإشارة إلى أن عبقرية طلال وذكاءه الحاد فنياً سمتان بارزتنان يدركهما كل ذي وعي فني وجمالي وهو أمر تؤكده شواهد كثيرة من أهمها خلود أعماله الفنية التي يتغنى بها جميع المطربين بلا استثناء نظراً لجمال واستثنائية وعبقرية الألحان والفكر الموسيقي الذي يجلّل هذه الأعمال فهي أغان تتسم بخلاف عمقها على التنوع في المقامات والألحان وتعدد الكوبليهات الذي يمنح أعماله حياة ونبضاً لا نجدها في أعمال سواه الذين تموت أعمالهم بمجرد غنائها.

أيضاً لا نغفل ان النهر الإبداعي لطلال كان مشدوداً لجميع الفنون وجداول الإبداع المختلف حيث مارس التأليف المسرحي والتأليف للتلفزيون ثم بعد ذلك التأليف الموسيقي كالسيمفونيات وغيرها من الأعمال التي لا زالت مناطق بكر تحتاج نقاد متبصرين لدراستها وإزاحة عبار النسيان عنها.


http://www3.0zz0.com/2014/08/13/01/832679046.jpg (http://www.0zz0.com)
http://www6.0zz0.com/2014/08/13/01/437659370.jpg (http://www.0zz0.com)
http://www6.0zz0.com/2014/08/13/01/106753929.jpg (http://www.0zz0.com)
http://www14.0zz0.com/2014/08/13/01/760600844.jpg (http://www.0zz0.com)
http://www6.0zz0.com/2014/08/13/01/742369032.jpg (http://www.0zz0.com)
http://www11.0zz0.com/2014/08/13/01/328011043.jpg (http://www.0zz0.com)