PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : الظاهرة النادرة في الغناء العربي



ليل و طرب
24-03-2015, 09:54 PM
أسمهان

1912 – 1944

الظاهرة النادرة في الغناء العربي حَمَلَت التناقضات والمواصفات التراجيدية التي قادتها إلى نهايتها




لم تعرف تلك الصبية الصغيرة أن القدر كان يخبئ لها كل تلك التناقضات التي يمكن أن يعيشها إنسان على هذه البسيطة. صحيح أن حياة كل منا مليئة بالحلو والمر، النجاح والفشل والأبيض والأسود وما بينهما، إلا أن أسمهان عاشت كل حلاوة الدنيا ومرارتها وكأنها عرفت في قرارة نفسها أن عمرها قصير (1912 ـ 1944).


ستون سنة مضت على غياب صاحبة “ليالي الأنس”، و”فرق ما بينّا” و “يا ليالي البشر” و”رجعتلك يا حبيبي”، و”أهوى”، و”ليت للبرّاق عينا” و”أنا اللي أستاهل” وما تزال دموع حجاج بيت الله، تنهمر في كل عام مع أغنيتها الأقرب إلى الدعاء “عليك صلاة الله وسلامه” بنبرة الخنوع والتوبة، باعثة الرهبة، والحنين إلى مرقد النبي.

الصوت الحزين لما يزل يرن في الأذهان كلما استحضرنا صورتها أو سيرتها أو مشهداً من أفلامها، إذ حيّر النقاد والموسيقيين والملحنين والمتذوقين والعشاق على حدّ سواء.


أسمهان، النبرة الشجية في عالم الأغنية العربية، والشخصية الغامضة الواضحة معاً. عاشقة الحياة والمال، البهجة والحزن، لطالما دفعتها مشاعر مجهولة، قوية لا تقاوَم، ولهفة إلى كل تجربة جديدة ومغامرة، مهما ذهبت بها، بعيداً أو قريباً، من دون أن تهاب موت، أو تردعها تقاليد أو قيود، وكأنها شاءت عن قصد وإصرار، أو عن غير قصد أن تكون حياتها شريطاً سينمائياً، أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، حيث سطرت حياتها بقصص الفقر والألم النفسي والجسدي وسلسلة مغامرات، بدءاً باللهو والسهر والحب واللذة والألم معاً، وصولاً حتى الجاسوسية، بحيث لا تبتعد كثيراً عن قصص أغاثا كريستي الخيالية الشهيرة، وعاشت حياتها بكل ما هو مشوّق، وغريب، وغير معتاد من امرأة شرقية، عربية، وذات أصول نبيلة، لتبقى سيرتها مثالاً للمرأة المتمردة على كل شيء.


هل كانت بذلك تنتقم من تلك الحياة التي شاء لها القدر أن تبدأها بالترحال والهروب منذ لحظة ولادتها وحتى لحظة مماتها، وكأنها تقول لنفسها وللعالم أجمع: إنكم لم تذوقوا طعم الذل والحرمان، ولم ترضعوا الخوف كما رضعته، ولم تجربوا المحن في أيام الطفولة السوداء، في أوقات لم أجد من يحنّ علي وعلى عائلتي بكسرة خبز.


بعيداً عن الموهبة، أسمهان كانت مثال الأنوثة الطاغية والسحر الذي لا يقاوم. جمال وجهها الحزين كان سلاحاً تستمد منه القوة لتنال مرادها من العقول والقلوب. عقول وقلوب الرجال التي طالما ضعفت أمام شخصيتها المحيرة، حتى إن الصحافي محمد التابعي أقرب أصدقائها، قال إنها يمكن أن تبكي بدموع غزيرة في لحظة، ومن ثم تضحك من قلبها في لحظة أخرى. امرأة استعصت على الوصف حقاً، وقد لا يملك امرؤ أن يتخذ موقفاً معيناً منها، لكثرة ما حوته شخصيتها من غرائب السلوك وتناقضاته.


جمالها وجسدها الناحل وشكلها العام قد تثير المواقف المتناقضة منها وقد يختلف البعض حول جمال وجهها أو جسدها، لكن في أي زمان وفي أي مكان لم يختلف اثنان على حلاوة صوتها، والقشعريرة التي يبعثها فينا حين نستمع إليه.

عرفت الفقر والغنى، لقبت الفنانة أسمهان وعشقت لقب الأميرة آمال. أحبت الغناء وكرهت الإذلال، تألمت وهي بعد غضة، إذ اضطرها العوز أن تقف ساعات، تغني في صالات شارع عماد الدين، حيث كانت تطوي آلامها، وتغالب دموعها كي لا تسيل أمام جمهور من السكارى والثملين يقذفونها بنكات وألفاظ خاصة برواد تلك الصالات.


أحبت الغناء لأجل المزاج، لا من أجل المال، والغناء لنفسها ولوالدتها ولمن تحب ولمن ترتاح إليهم، لكن الغناء بالأجر مقتته إذ أصبح مهنتها التي لا تستطيع التخلي عنها، بل تعتبره مهنة أسرت موهبتها.

كانت تثور على هذا الوضع أحياناً، لكن ليس بيدها حيلة، فهي مضطرة للاستمرار كي تعيل نفسها وعائلتها. ولطالما رفضت الجلوس مع رواد الصالة بعد انتهاء وصلتها كما كان متعارفاً، وقد حرص شقيقاها فؤاد وفريد على أن لا تلزمها العقود مجالسة الزبائن.

سبع سنوات حافلة سبقت وفاتها، تعتبر من أفضل سنوات حياتها، نالت فيها الشهرة والمال، بعد تعرفها إلى طلعت حرب باشا، الذي قدمها مع شقيقها فريد إلى الموسيقيين والملحنين والإذاعة وشركات الأسطوانات، فأصبح منزل العائلة في ذلك الوقت، في حي غاردن سيتي يستقطب الملحنين والشعراء والمنتجين والمخرجين، الذين كانوا يمطرون أسمهان بمشاريع غزيرة للسينما والمسرح، والجميع مأسور بشبابها وجمالها وأنوثتها الطاغية وصوتها المبدع.



سرّ الصوت


أي سرّ في هذا الصوت المتلألئ الذي يأسر القلوب بشحناته القوية، وانحناءاته المفعمة بالدفء والحنان والشجن، بل قدرته على بصم أي لحن ببصمته، وتغليف الأنغام بخصوصيته، وإسباغ الصفة الدرامية الشجية عليه. صوت حمل كمّاً من الصفات التي كان يوصف بها صوت متكامل العناصر، وموهبة إلهية قلّما يهبها الله لحنجرة ما.


المستمع العادي يستطيع أن يشعر بأوتار الصوت المشدودة، الأقرب إلى صفاء الذهب، في رنينه ولمعانه. صوت أنثوي بالغ الإحساس، مرهف، يتلون مع كل أغنية، حسب مضمونها، ونوعية الدور المسند إليها في السينما، كما في الحياة.
ظهرت أسمهان في زمن العمالقة. في أوائل الثلاثينات. أصوات كبيرة راسخة في الآذان العربية وأذهانها ووجدانها، حين كانت مواصفات معينة في الصوت لم يمكن أن يخترقها أو تخرق قواعدها أي موهبة لا تتقيد بها، إلا أن ذهبية الصوت، أسمهان ـ كما وصفها الملحن محمود الشريف ـ لم يتجادل اثنان على جمال صوتها وعظمته وقدرته على سلب المشاعر. ليس بأنوثته ودفئه فحسب بل بمساحته التي هي هبة من الله في المرتبة الأولى حيث ضم صوتها أكثر من أوكتافين “ديوانين”، أي أكثر من خمس عشرة درجة على السلم الموسيقي. إضافة إلى قدرتها على التصويت من الرأس، حسب أسلوب الغناء الأوبرالي الغربي المتعارف لدى مغنيات السوبرانو، وقد نستمع إلى بعض المغنيات العربيات يستخدمن هذه الطريقة وبخاصة اللواتي من أصول مغاربية: تونس والمغرب والجزائر، إلا أن أسمهان تميزت عنهن بصوت ينثني انثناءة الحرير الأصيل، وكان صوتها يأتي صافياً عريضاً واضحاً رناناً شجياً لا صارخاً حاداً، بل يتدفق في غاية الحنان والسلاسة والرقة.


ولو عدنا إلى أغنية “ياطيور” التي لحنها محمد القصبجي لوجدنا فيها كل مواصفات الصوت الأوبرالي الدرامي، تضاف إلى مواصفات الصوت الشرقي المعتق بأنغام الأصالة والملوّح بحرارة النبرة المقامية المشرقية بدقتها ورهافتها. فالمعروف في الأصوات العربية ذات المساحة الكبيرة إنها إما تكون متقنة للنغمات الغربية على حساب الشرقية، أو العكس، أما إتقان الأسلوبين معاً في الصوت الواحد فهو من النوادر وينطبق على أسمهان وفيروز، وأم كلثوم في بداياتها، والراحلة نور الهدى، وإلى حدّ ما على المطربة التونسية الراحلة ذكرى.


صوت أسمهان كان الوحي، والملهم لأنغام الملحنين الذين تعاونوا معها، وخبروا الصوت بتعابيره الدرامية، لا في مساحته الكبيرة فحسب، وبخاصة محمد القصبجي الذي لحن لها “ياطيور” وغيرها وشقيقها الراحل فريد الأطرش الذي استوحى من صوتها أجمل الألحان بدليل أن ألحانه لصوته ولغيره من مطربات ومطربين لم تصل إلى مستوى ألحانه لأسمهان، إذ وضع أكثر الجمل اللحنية تناسباً مع موهبتها الفذة وأكبر مثال على ذلك، “ليالي الأنس”، إضافة إلى غنائها ضمن أسلوب الطرب التقليدي الذي كان متبعاً في تلك الفترة. إلا أن أسمهان وبسبب هذا الصوت الموحي بالتجديد والدراما جذبت الأسماع من خلال الألحان التي سبقت عصرها.

في تحليل بعض أداءات أسمهان، يقول الموسيقي سليم سحاب في “كتاب السبعة الكبار لمؤلفه فيكتور سحاب” :
“…التعبير الإنساني يبقى أعظم ما في غناء أسمهان، وهو تعبير يكاد لا يستثني حالة من حالات المشاعر والأحاسيس الإنسانية. ففي أغنية “ليالي الأنس” مثلاً، تنتقل أسمهان بسرعة من مزاج إلى مزاج آخر وفقاً للحن والمعاني. فمن: “خيال ساري مع الأحلام” حيث تغني بشفافية وإشراق بالصوت، إلى عبارة: “تفوت من غير ما تتهنّى” حيث تضفي حساً درامياً على النهاوند، وذلك لا استعراضاً أو رضوخاً لإغراءات الاستعراض، بل تعبيراً فنياً عن مزاج يظل شديد الوضوح في كل الحالات.

ويتابع سحاب:

في أغنية “يا حبيبي تعال الحقني”، أربعة مقاطع على لحن يتكرر. والعبارات “من بعدك”، “أتألّم”، “في يدّك”، “يلين قلبك”، تقولها أسمهان بأحاسيس مختلفة تؤدي تعبيراً مختلفاً في كل مرة، وفقاً للمعنى المطلوب، على الرغم من أن اللحن هو نفسه في العبارات الأربع. وعلى الرغم من أن العبارات المذكورة قصيرة للغاية، ولا مجال فسيحاً فيها للتعبير الإنساني الزخم، إذ أنها تتشكل من علامتين موسيقيتين فقط. وتلاحظ في هذه الأغنية الشحنات العظيمة والحرارة الإنسانية المتدفقة في عبارة “وغرامي هالكني”.
ويتناول سحاب قدرة أسمهان في الوصول إلى مستوى عبد الوهاب في التعبير المسرحي في المغناة المسرحية “قيس وليلى”. فيما بلغت في تعبيرها الغنائي أعماقاً مأسوية مؤثرة للغاية في أغنية “أيها النائم” من لحن السنباطي.




حكايات الفقر والبؤس


قصص أسمهان بدءاً بالفاقة في صغرها، تصلح بحد ذاتها لأن تكون مادة غنية لفيلم سينمائي من أكثر الأفلام تراجيدية. بقيت تقض مضجعها حتى وفاتها، إلى حدّ القيام بأي شيء أو عمل كي لا تعود إليها.


حين تتذكر تلك الفترة وترويها لصديقها التابعي تتألم كثيراً، وبخاصة أيام حيّ الفجالة وتعرّضها لسوء التغذية. في إحدى المرات نضب مورد الأسرة بعد سفر المليونير الأمريكي الذي كان يمدهم شهرياً بما يوازي مئة دولار. في تلك الأيام عرفت أسمهان الجوع والحرمان إذ تذكر أن بيتهم خلا من أي طعام فأرسلتها والدتها لاقتراض بعض المال من الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، أحد الزعماء السوريين، وهو مقيم في القاهرة وعلى معرفة بأسرة أسمهان، وكانت قطعت مسافة بعيدة مشياً على الأقدام، وحين قابلته وأبلغته رسالة والدتها عن سوء حالهم قدم لها “ريالاً” واحداً، عادت به إلى أمها، وعندما رأته والدتها بكت وبكت معها أسمهان وقدّرت في ذلك الوقت بأنهم أوشكوا أن يتسوّلوا.


وفي قصة أخرى تذكر أسمهان أنها كانت تزور أسرة الأميرالاي محسن بك، وكانت دارهم في شارع الشيخ ريحان بالقرب من ميدان عابدين. كانت تظن أنهم سيقلّونها بسيارتهم إلى منزلها في حيّ الظاهر، لكن السماء أمطرت بغزارة فعدلوا عن الخروج بالسيارة، وحين أقبل المساء والمطر لا يزال ينهمر خرجت بكبريائها وكأنها تريد أن تستقلّ سيارة أجرة، وقد خجلت أن تقول لهم إنها لا تملك قرشاً واحداً، فسارت تحت المطر وفي الوحول من عابدين حتى الظاهر وبعدها بقيت طريحة الفراش عشرة أيام.


وفي حكاية أخرى، تقول أسمهان:

ـ بدأت والدتي تعمل في خياطة الملابس للسيدات وكان ما تحصل عليه قليلاً لكنه يقي شر الجوع والفاقة. وذات يوم شاءت المصادفة أن تلتقي أمي في دار صديقة سورية بالأستاذ داود حسني وهو من الملحنين القدماء، وسبق أن تعاون مع العائلة فنياً، وهنا المفاجأة حيث سمع الملحن حسني صوت الوالدة عالية المنذر وهي تغني عند صديقتها وتنقر على الدف “الإيقاع” فسألها لماذا لا تحاول استغلال موهبتها هذه مثل أولادها آمال وفريد خصوصاً أنها تملك الجمال والصوت الأصيل الذي ورثه فريد وأسمهان منها وكانت والدتها تعرفت إلى سامي الشوا عازف الكمان المعروف وهو سوري الأصل من مدينة حلب وهذان الموسيقيان ساعدا والدة أسمهان فنياً وأخذت تحيي الحفلات الخاصة عند بعض العائلات واتسع رزق العائلة قليلاً حيث أمكنها إدخال فريد وأسمهان إلى المدرسة وإتمام الدراسة التي توقفت في بيروت.
وكانت عالية المنذر تعاقدت مع شركة “بيضافون” لتسجيل بعض أغنياتها على أسطوانات فتوسط الملحن داود حسني عند الشركة نفسها كي تسجل أسمهان بعض أغنياتها على أسطوانات أيضاً وتقبض بعض المال.




ملحنون وشعراء



غنت أسمهان للعديد من الملحنين إلا إن أكثر الألحان التي غنتها كانت من نصيب شقيقها فريد الأطرش: “نويت أداري آلامي” 1937، “عليك صلاة الله وسلامه” كلمات بديع خيري، وفي فيلم “انتصار الشباب” عام 1941، لحن لها: “يللي هواك شاغل بالي، يا ليالي البشر”، كلمات يوسف بدروس، و”كان لي أمل” لأحمد رامي، “يابدع الورد” لحلمي الحكيم، “إيدي ف إيدك”، “الشمس غابت أنوارها” لأحمد رامي، كذلك “أوبريت انتصار الشباب” لأحمد رامي. وفي فيلم “غرام وانتقام” غنت لفريد “ليالي الأنس” كلمات أحمد رامي، “أنا أهوى” لمأمون الشناوي، وموال “يا ديرتي” لبيرم التونسي.
وفي العام نفسه غنت لفريد “رجعت لك يا حبيبي”. وغنت له “أنا بنت النيل”، وكذلك “نويت أداري آلامي” و”الليل”.
غنت لمدحت عاصم أغنية “دخلت مرة ف جنينة” كلماته وألحانه، “يا حبيبي تعال الحقني”.

ولمحمد القصبجي غنت: “يا طيور” يوسف بدروس، “إمتى حتعرف” لمأمون الشناوي و”أنا اللي أستاهل” من فيلم “غرام وانتقام” عام 1944. “أسقنيها”1940 للأخطل الصغير، “أين الليالي”، 1944، “”فرق ما بينّا” مطلعها ليوسف بدروس وبقيتها لعلي شكري، “في يوم ما اشوفك”، “كنت الأماني”، “كلمة يا نور العيون”، “ليت للبراق عيناً” 1938، “هل تيم البان” لأحمد شوقي.
لرياض السنباطي: “أيها النائم” عام 1944، و”حديث عينين” 1944 في فيلم “غرام وانتقام”، و قصيدة أحمد فتحي ” يا لعينيك ويا لي”، وقصيدة لابن زيدون “أقرطبة الغرّاء” و”الدنيا ف إيدي والكل عبيدي”. ولفريد غصن “يا نار فؤادي”. زكريا أحمد: “هديتك قلبي”، “عذابي في هواك أرضاه” وقصيدة أبي العلاء المعري “غير مجدٍ في ملّتي واعتقادي”.
لمحمد عبد الوهاب غنت أسمهان أوبريت “قيس وليلى” للشاعر أحمد رامي، و”محلاها عيشة الفلاح” لبيرم التونسي.




التابعي وأسمهان


نشر محمد التابعي، كتاباً يحكي فيه قصته الكاملة مع أسمهان. ومحمد التابعي صاحب ورئيس تحرير مجلة “آخر ساعة” المصرية كان صديقاً أميناً وصدوقاً لأسمهان، وكان الشخص الوحيد الذي تسرّ له بالكثير من حكاياتها أيام الفقر وتخوفها الدائم من عودة تلك الأيام، وتشكو له كلما فاضت بها المشكلات.


التابعي سمع صوت أسمهان للمرة الأولى، حين مرّ بالصدفة بصالة ماري منصور، في شارع عماد الدين، وهناك تذكر أنه وعد منصور بالمرور عليها، فقرر هو ونفر من أصدقائه دخول الصالة، فلم يجد مكاناً، فتوقفوا لبضع دقائق للاستماع إلى صبيّة تغني على المسرح بصوت رقيق حزين. كانت نحيلة ترتدي ثوباً أسود اللون، وقد لفت رأسها بإزار أسود، وكانت تغني وهي ساهمة تنظر أمامها من دون الالتفات يميناً أو يساراً، ومن دون أن تلقي بالاً إلى صيحات المعجبين. تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها التابعي أسمهان، ليلتها تركت في نفسه شعوراً بأنها إنسانة تبعث الرحمة في الصدور..


ولم يعد التابعي إلى صالة ماري منصور ولم يسأل عن أسمهان حتى قرأ خبراً في الصحف عن زواج المطربة أسمهان من ابن عمها الأمير في جبل الدروز حسن الأطرش وأنها أصبحت أميرة فاستغرب أو عزّ على التابعي أن يصدق أن فتاة من أسرة عريقة تحترف الغناء في شارع عماد الدين.


حتى كان العام 1939 رآها صدفة في الجامعة الأميركية في القاهرة، حين كان يهم بالدخول إلى قاعة “بورت” لسماع أم كلثوم، لم يتعرف إليها لكن صديقاً له قال له هل رأيت أسمهان ونحن ندخل؟ وفجأة تذكر التابعي ذلك الوجه بالإزار الأسواد الذي رآه منذ ثماني سنوات في صالة ماري منصور، وعرف يومها أنها طلقت من زوجها الأمير الدرزي، فقال: إذن لم تعد أميرة في جبل الدروز. فأجابه الصديق: كلا وعادت كما كانت المطربة أسمهان. وفي اليوم التالي اتصل به الصحافي أحمد حسن وقال له: إن أسمهان تريد أن تتعرف عليك؟

اللقاء لم يتم يومها، بل بعد أسبوعين وبطلب من محمد عبد الوهاب، حيث دعاه التابعي للمجيء إلى منزله فوراً من دون إعلامه بسبب استعجاله.


هنا يصف المؤلف سعيد الجزائري في كتابه “أسمهان ضحية الاستخبارات” أول لقاء بين التابعي وأسمهان:
“…وحين وصل التابعي منزل عبد الوهاب، وجده ممسكاً بعوده، وأمامه أسمهان وكان الاثنان يراجعان أوبريت “قيس وليلى” وكانت أسمهان تغني لحظة دخول التابعي: “وما فؤادى حديد ولا حجر.. لك قلب فسله يا قيس ينبئك بالخبر..”

تسلل التابعي بهدوء وجلس في المقعد الخالي الوحيد، بجانب أسمهان…وبينما كانت أسمهان مشغولة عنه بالغناء، وهي التي طلبت أن تتعرف إلى التابعي قبل أسبوعين، أخذ ينظر إليها ويتأمل وجهها وهو مأخوذ بحلاوة صوتها الحزين، لكن الأذن ترتاح إليه، فوجهها ليس فيه جمال حسب المقاييس المعروفة، لكنها كانت جذابة وكلها أنوثة، أما أنفها فكان مرتفعاً أكثر بقليل مما يجب وطويلاً أكثر بقليل مما يجب، وفمها كان أوسع بقليل مما يجب وذقنها بارزة إلى الأمام أكثر بقليل مما يجب. أما عيناها (والكلام لا يزال للتابعي) فكان فيهما السحر والعجب والسرّ، لونهما أخضر داكن مشوب بزرقة، وتحميهما أهداب طويلة تكاد من طولها أن تشتبك، وقد لاحظ أنها كانت تجيد استعمال سحر العيون عند اللزوم. انتهت بروفة أوبريت “قيس وليلى” فقدم عبد الوهاب الأستاذ التابعي لأسمهان فمدت يدها بتثاقل وتكلف ساذج وظاهر… تشرفنا… ثم جلس الجميع، فأخذت تصلح من وضع الفراء الذي كان يحيط بعنقها وتتعمد إظهار الخاتم في أحد أصابعها وفيه فص ألماس، وقد احتارت أي ساق تضع على الأخرى، وكانت جميع حركاتها متكلفة وغير طبيعية، وأدرك التابعي أنها تريد أن تحدث أثراً طيباً في نفسه، ومرة ثانية وبعد ثماني سنوات وجد أمامه الفتاة نفسها التي بحاجة إلى الرحمة في الصدور بل وتستحق العطف والرثاء”.
وبعد ذاك اللقاء صار التابعي من أقرب أصدقائها بعد صديقتها ماري قلادة التي لقيت حتفها معها غرقاً.


الكل أحب أسمهان، وأسمهان أحبت من؟


لقد عرف عن كثيرين إعجابهم بأسمهان، واشتهرت قصص غرام بعضهم الآخر بها في الأوساط السياسية والفنية، هذا عدا عن رجال كثيرين عشقوها لكنهم لم يحظوا بكلمة منها أو حتى التفاتة أو اهتمام، حتى شارل ديغول أبدى إعجابه بأسمهان إبان عملها مع الحلفاء.


كان الملك فاروق على رأس لائحة المعجبين، ومنذ أن بدأت الأضواء تسلط على أسمهان وبدأ اسمها يلمع في سماء الأغنية في مصر، وضعها ضمن اهتماماته وكان يرسل لها من يسأل عنها في محاولة لكسب ودها. وفي إحدى المرات أرسل لها مبعوثين خاصين مع تعليمات بأنه سوف يمنحها لقب “أميرة” رسمياً، لكن أسمهان ابتعدت عن طريق الملك بذكائها وتحاشت شباكه وسهامه، ليس تعففاً منها ـ حسب المؤلف ـ إذ لو كان ذا مرتبة أدنى كرئيس مجلس وزراء مثلاً أو وزير لما تأخرت في الاستجابة، لكن ابتعادها كان تقديراً منها للذات الملكية وخوفاً من التورط.


أما الملك فاروق فلم يستطع القيام بشيء حيال رفض أسمهان له، ذلك أنها فنانة معروفة ومحبوبة لدى الجماهير وأي إجراء قد يتخذه ضدها ربما يعرضه إلى افتضاح أمره.


أما أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي وحامل ختم الملك فكان الأكثر حظوة لدى أسمهان. كان يقابلها بشكل دائم في مكان إقامتها في جناح خاص في فندق مينا هاوس، لوجود هاتف يسهل عليها الاتصالات، وذلك رغم علاقته الحميمة بالملكة نازلي.
كان رجلاً وسيماً يفتن النساء ويلفت النظر في أي حفلة أو مكان بسبب أناقته ومظهره الرجولي واسمه المدوي وتاريخه المليء بالمغامرات الحالمة ومنصبه الخطير وحديثه الساحر وخبرته العميقة بالنساء وطباعهن. استلطفته أسمهان وأعجبت به، بل وشعرت تجاهه بالحب، فهو حامل كل صفات الرجولة والاحترام والكياسة وهذا ما تطلبه المرأة في الرجل غالباً.
أما أحمد حسنين باشا فقد اندفع نحوها بشكل كبير وتودد إليها كما أسلفنا وأصبح الأمر معروفاً لدى الجميع وقالوا إنه غارق في حبها.

إلا أن الغريب في الأمر أن باشا آخر كان يتردد على أسمهان في الوقت نفسه هو مراد محسن باشا، وكان مدير الخاصة الملكية ويقال إنه أحب أسمهان كثيراً لكنه كان أكثر تحفظاً واحتياطاً من أحمد حسنين باشا، وكانت هناك منافسة وغيرة بين الاثنين إلا أن مراد باشا أنهى علاقته بأسمهان بعد أن وصل إليه خبر علاقتها بأحمد حسنين باشا.


رغم العلاقة الوطيدة التي ربطت أسمهان بالصحافي الشهير محمد التابعي إلا أن التابعي يصرّ على أنها لم ترق إلى رابطة الحب أو الغرام، رغم أنه كان يذهب إليها في القدس في كل مرة تطلبه فيها، وبخاصة تلك المرة التي تعرضت فيها إلى التهاب رئوي حاد فلم يتركها بل جلس يمرّضها ليلاً نهاراً حتى شفيت وبعد أكثر من عشرة أيام عاد إلى القاهرة، ويومها أرسل إليها ماري قلادة لكي تكون إلى جانبها لشهرين حتى تشفى تماماً لكنها بقيت معها ثمانية أشهر وبعد ذلك لم تفارقها حتى غرقت معها في النيل.


التابعي نفسه قال بأنه كان يرتاح للجلوس معها، وهي كانت تطمئن إليه وتثق به وتلجأ إليه كلما نزلت بها شدة أو حرج كما حدث في أحداث عدة، واعترف التابعي أن أسمهان “لم تحبه” كما لم تحب أي رجل آخر بالمعنى الصحيح للحب، حتى أزواجها الشرعيين، ولكنها أحبته محبة من نوع خاص بها، (محبة أسمهانية) حيث إن قلبها كان يحمل التابعي شيئاً أقوى من الصداقة والودّ، وقد اعترفت بذلك لبعض صديقاتها اللواتي سألنها عن حقيقة حبها له، ولكن ذلك لم يؤكد. أما التابعي نفسه فهو يؤكد أنها لم تُكنّ له أي حب، وهو ليس بمغرور كي يدّعي “وهم” حب لا حقيقة له ويقول:

ـ نعم كانت تضمر لي وداً وصداقة وثقة وتقديراً ولكن هذا كل ما في الأمر.


هل أغرم عبد الوهاب بأسمهان؟


كانت الراحلة في أثناء فترة ارتباطها بالأمير حسن الأطرش تزور القاهرة من فترة إلى أخرى، وفي هذه الزيارات تجتمع بالأصحاب ومنهم الفنانون كونها على معرفة ببعضهم وصداقة مع آخرين، وكونها من المعجبات بالموسيقي الكبير عبد الوهاب فتعرفت إليه وبادلها الإعجاب وكانت تزوره في داره وقيل إنهما تبادلا الغزل، إلا أن الأمور لم تتطور أكثر من ذلك وتوقفت عند هذا الحد، والسبب، يقول الجزائري في الكتاب نفسه:


“… ـ حسب أسمهان نفسها ـ إن عبد الوهاب لم يعجبها، فهو في مجلس الغناء والطرب يعجب ويفتن أي أنثى، لكنه في مجلس العشق والغزل شيء آخر لا يعجب ولا يفتن… وأكثر من ذلك وصفته بأنه رجل مغرور يريد من المرأة التي يحبها أن توفر له كل عناء الحب، عليها أن تكون لها جرأة الرجل وأن تترك لعبد الوهاب حشمة المرأة وحياءها وخفرها، أي أن الأوضاع الطبيعية بين الرجل والمرأة تنقلب مع عبد الوهاب…فهو يجلس مطرقاً برأسه وعلى المرأة أن تزحف إليه وعلى ركبتيها وليس عليه بعد إلا أن يتفضل وتقبل منه حبه وخضوعها وقبلاتها، وبعدها يبدأ بالمغازلة كيفما يشاء بعد أن يجد بين يديه امرأة مستسلمة له بكل جوارحها وعلى استعداد تام لأن تقبل منه أي تصرف سادي أو جنسي، لذلك لم يعجب أسمهان لأنه حاول بطريقته الخاصة هذه أن يخضعها لحبه … فلم يفلح، وحاول عبد الوهاب أن يعيد الكرة ويفرض الحب على أسمهان بعد طلاقها وعودتها إلى مصر فلم يوفق…”

ليل و طرب
24-03-2015, 09:59 PM
زيجات أسمهان


بدأت شهرة أسمهان في القاهرة منذ أن كانت في السادسة عشرة حيث بدأت تحيي الحفلات والأفراح وتتقاضى الأجور وتحسنت حال العائلة مادياً، فانتقلت إلى شقة في منطقة غاردن سيتي، وبعدها زارهم إبن عمها الأمير حسن الأطرش من أجل طلبها للزواج. والدتها رفضت في البداية، ذلك أن أسمهان بدأت تعيل العائلة وتدر عليها بعض الأموال، حسبما صرحت الراحلة فيما بعد. في ذلك الوقت كانت أسمهان ضعيفة ووالدتها تتحكم بآرائها وقراراتها. وبعد ذلك جيّش الأمير حسن الأطرش العشيرة ضد عالية المنذر، والدة أسمهان، وأبلغهم بأنها تغني في الملاهي وأن ولديها فريد وآمال يحترفان الغناء، فثارت ثائرة العشيرة، وخشيت الوالدة من العاقبة ومن بطش العائلة. وهكذا عاد العريس إلى مصر مرة ثانية ورتب الأمور وسجل لوالدتها منزلاً في دمشق ودفع لها مبلغ خمسمائة جنيه من الذهب تعتبر ثروة في ذلك الوقت وتوجهت أسمهان وابن عمها مع شقيقها فؤاد إلى جبل الدروز وتم الزواج وأصبحت تحمل لقب الأميرة آمال الأطرش.

لكنها بعد أن انفصلت عنه، عادت وتزوجت منه بعد سنوات، في الثالث من تموز عام 1941، بعد أن قررت اعتزال الفن والتفرغ للسياسة والأسرة حسب قولها، لكن هل هذا ما حدث بالفعل؟


كانت أسمهان تعمل بإدارة أحمد بدرخان في فيلم “انتصار الشباب” مع شقيقها الراحل فريد الأطرش، وبديهي أن يلتقيا يومياً ويتبادلا الآراء والأحاديث وتشكو ما تتعرض له من حسنين باشا والملك فاروق وغيرهما من المعجبين ويجتمعا إما في أحد المطاعم أو في استديو لبيب مصور الفيلم الفوتوغرافي، وكان بدرخان رقيقاً ولبقاً يحدثها حول خصوصياته أيضاً وحياته المضطربة وكان أن طلب منها الزواج في إحدى المرات وهي كانت بحاجة إليه لأسباب عدة، منها التخلص من بيت الأسرة حيث كانت تلقى الضرب المتواصل من شقيقها فؤاد، إضافة إلى أن أحمد بدرخان كان مخرجاً معروفاً في الوسط الفني، والأهم أنها كانت تعتبر أجنبية في القاهرة وزواجها من مصري يسهل الحصول على الجنسية المصرية. وبذلك كان زواجها العرفي من أحمد بدرخان، الذي لم يكمل الشهرين، ثم أنهاه الطلاق.


التقت أسمهان بأحمد سالم حين كانت تعمل في فيلم “انتصار الشباب”، كان يتردد أحياناً ويساعد في إدارة الفيلم، وهنا كانا صديقين، لكنها في الفترة التي أقامت فيها في القدس صدف أن حضر هو وتحية كاريوكا لبعض الأعمال فالتقى سالم بأسمهان في فندق الملك داود وتقاربا وحدث الزواج السريع وأمضيا أسبوعين في العسل حتى جاءها خطاب بالعودة إلى مصر حيث كانت وقعت عقد تمثيل مع شركة مصر للتمثيل والسينما.

بعد فترة بدأت أسمهان تتملل من الارتباط ومن غيرة أحمد سالم الشديدة عليها وهي التي اعتادت الحرية فدبرت اتصالاً له من تحية كاريوكاً لكي يكون نواة خلاف بينهما، لكنه أحس بالظلم وحاول الانتحار مرتين وكل مرة يتم إنقاذه وفي إحدى المرات حاول قتلها حين أطلق عليها النار من مسدسه ولم يصبها، هربت وطلب البوليس فأصاب أحد الضباط بعيار ناري وأصيب هو أيضاً بعيار من مسدسه وبعد أن شفي قدم للمحاكمة وسميت قضيته بمأساة أحمد سالم وأسمهان.




عملها مع الاستخبارات


يوم الجمعة 23 أيار 1941 اتصلت أسمهان هاتفياً بالتابعي وأبلغته أنها ستزوره في المساء، وهكذاكان. ففي هذه الجلسة استحلفته بالقرآن أن لا يبوح لأحد بكلمة مما ستقوله له. وحينها أفشت له سرّ معرفتها ببعض ضباط الاستخبارات البريطانية وأنهم اتصلوا بها خلال اليومين الماضيين لتكليفها بمهمة في الشام. وأنها سبق وزودتهم بمعلومات حصلت عليها من بعض السياسيين المصريين واكتشفت بذلك إنها الطريقة المثلى للحصول على المال.


وكشفت أسمهان بذلك الكثير من أسرار الاستخبارات الألمانية “الغستابو” في القاهرة، وألحقت بعملائهم وعملياتهم الجاسوسية أضراراً كبيرة، ولقي بعضهم مصرعه على أيدي الاستخبارات البريطانية، ونتيجة ذلك أصدروا حكماً بالتخلص منها، وعندما علمت الاستخبارات البريطانية بأن عميلتها مهددة بالإعدام قرروا تهريبها من مصر بتكليفها بمهمة جاسوسية جديدة في الشام عن طريق القدس.


وتحت تأثير الدهشة والذهول حذّرها التابعي خشية عليها، لكنها طمأنته بمعرفتها كيفية التصرف مع كبار الرجال فكيف بضباط الاستخبارات الذين كما وصفتهم، يحترمون المرأة وعملها معهم.

كانت بريطانيا تود من أسمهان أن تبذل جهودها لإقناع زوجها الأمير حسن الأطرش وعشيرته بالتعاون مع قوات بريطانيا التي تنوي الدخول إلى سوريا ولبنان لطرد قوات فيشي التي سلمت زمامها إلى الألمان.

وبذلك منحت بريطانيا أسمهان رتبة فخرية “ميجر” أو “رائد” لكي تنال امتيازات خاصة مالياً واستشفائياً لدى المستشفيات البريطانية كأي ضابط بريطاني عند الحاجة.


البداية كانت في الأول من أيار عام 1941، حين التقاها نابيير يوغن (كان يشغل منصب قنصل بريطانيا في دمشق، ثم انتقل إلى سفارة القاهرة في قسم الدعاية، وفي الوقت نفسه هو رئيس فرع الاستخبارات) وطلب منها لقاء والتر سمارت، حيث تناولت الشاي معه بحضور الجنرال البريطاني كلايتون وهذا طلب منها بصراحة السفر إلى القدس بالطائرة حيث سيقابلها أحد عمالائهم ويعطيها التعليمات ثم تسافر إلى عمان ثم سوريا. ودفع لها كلايتون مبلغ خمسة آلاف جنيه على أن يدفع لها في فلسطين أربعين ألف جنيه لتوزعها على رؤساء العشائر في سوريا.


حين عاتبها التابعي قالت له:

ـ أريد أن أخدم بلدي. وأضافت: قل لي في مصر أعمل إيه وأعيش منين؟ لقد سمعت كلام الناس عني بالحق والباطل. والحبة عملوها قبة. وأجري من إذاعة القاهرة لا يكفيني وما جمعته من السينما صرفته وأنا لا أحب الغناء في الأفراح والحفلات العامة. ولقد كنت أرجو بعد نجاح فيلم “انتصار الشباب” أن يقتصر عملي على السينما وحدها لكن ظهر العقد المبرم بيني وبين الدكتور بيضا يمنعني من العمل في أي فيلم آخر لمدة عامين وقد مضى منهما عام. بمعنى أن علي أن أدبر معيشتي عن طريق آخر غير السينما فماذا أفعل؟ هل أبقى في مصر وأرفض عرض الإنكليز؟

كانت أسمهان تعي قوة الدروز في ذلك الوقت وتأثيرهم المعنوي والعددي والسياسي في الواقع السوري، ولما كان الحلفاء ينوون الزحف إلى سوريا ولبنان فمن الهام أن تنضم قوة أولئك إليهم، وأن أسمهان هي أنسب صلة وصل والأكثر تأثيراً بهذه القوة بسبب حب ابن عمها وزوجها الأمير حسن الأطرش لها ومن هنا كانت هي واثقة من نجاح مهمتها.


وهذا ما كان حيث نجحت في إقناع عشائر الدروز من خلال الأمير حسن الأطرش بالانضمام إلى الحلفاء. ولكنها خلال جولاتها ورحلاتها بين القدس وجبل الدروز شعرت بمدى الخطر الذي أوقعت نفسها فيه وتمنت لو تستطيع العودة إلى القاهرة وتترك هذه المغامرة، لكنها كانت وصلت في منتصف الطريق الذي لا يمكن العودة إلى أوله، وكانت تقبض مخصصات ورواتب رؤساء العشائر وتدفعها لهم بانتظام وبخاصة بعد أن تزوجت الأمير حسن الأطرش مرة أخرى واستقرت في السويداء وهكذا هددتها الاستخبارات الألمانية والسلطات الفيشية بالتوقف عن مهمتها لكنها استمرت، مما اضطرها تحت الضغوط والخطر أن تغادر سوريا هرباً، وتحت جنح الظلام وعلى صهوة جواد، وقد دهنت وجهها باللون الأسود وارتدت لباس أحد العبيد بصحبة الأمير فاعور، الذي غادرها ما أن وصلا الحدود الفلسطينية. ومن هناك وصلت إلى فندق الملك داود، وحصلت نتيجة مهمتها على عشرين ألف جنيه، عاشت منها حياة بذخ ملأت بها ليالي القدس ولائم وسهرات.

وكانت النتيجة زحف القوات الفرنسية “قوات ديغول” والحلفاء نحو سوريا ولبنان وقضوا على القوات الفيشية واحتلوا البلاد.
كان علىالاستخبارات البريطانية أن تنتهي من أسمهان لأسباب عدة أولها إن أسمهان لم تلتزم بالصمت حيال الأسرار في وقت كانت أسمهان تذيع الأسرار بعد أن يستبد بها المشروب في السهرات والأمسيات، ثم أن أسمهان أثارت الشكوك حول بذخها والأموال الهائلة التي كات تصرفها وهي معروف عنها قلة أعمالها الفنية سواء في الغناء أم في السينما، وإن كانت زوجة أحد الأمراء. إضافة إلى تورطها بالسفر مع العميل الألماني فورد، حين أعادتها السلطات البريطانية من الحدود السورية ـ التركية وهذه هفوة سجلت في ملف أسمهان المهني ، الاستخباراتي.



أفلامها

لم يتسن لأسمهان تثبيت أقدامها كممثلة ومغنية في عالم السينما، لانشغالها طوال سنوات، بزواجها المتذبذب من ابن عمها حسن الأطرش، وعملها مع المخابرات وهذان الأمران تطلبا منها تنقلات دائمة بين دمشق وبيروت والقدس والسويداء والقاهرة، في فترة تعتبر طويلة نسبة لحياتها القصيرة.


لو تسنى لها العيش مدة أطول، لاستطعنا أن نشهد إمكانات أكثر وأفلام أخرى، ربما، ولتمكنت أسمهان من إثبات موهبتها في التمثيل أيضاً ولنافست بذلك ليلى مراد التي احتلت عرش السينما الرومانسية والاستعراضية فيما بعد. فحياة أسمهان المليئة بالعذابات تركت أثرها على ملامح الوجه، وأودعت الحزن في عيونها الواسعة المتلألئة دوماً بالدمع وغياب البسمة عن ثغرها، وجسدها الناحل المتعب، كل ذلك يضاف إليه إن أول أدوارها في السينما، هو نفسه أول أدوار حياتها الحقيقية، مثلت في “انتصار الشباب”من دون أن تمثل، لأنها عاشت اللحظات نفسها مع شقيقها فريد الأطرش، فكان فيلمها الأول الذي أخرجه أحمد بدرخان ولحن فريد أغنياته،وشاركهما التمثيل حسن فايق وبشارة واكيم.
“غرام وانتقام” فيلمها الثاني والأخير الذي لم تنهه بنفسها بل القدر أنهاه بغرقها.
عام 1944 كتبه وأخرجه الراحل يوسف وهبي، لحن أغانيه فريد الأطرش، شاركها التمثيل أنور وجدي ومحمود المليجي.



أقوال في صوت أسمهان


ـ الملحن الكبير داود حسني الذي كان له صيته يومذاك، أطلق عليها اسم أسمهان، إذ استقبله فريد المطرب الناشئ، غنى أغنيات من ألحان حسني، ومن ثم سمع آمال تغني في غرفتها فطلب إحضارها وغنت أمامه فدمعت عيناه وقال:
“… كنت أرعى فتاة تشبه آمال وصوتها الجميل إلا أن الموت كان أسبق لها من الشهرة، لذلك فأنت من الآن ستحملين اسمها الفني (أسمهان).


ـ محمد القصبجي زار عائلة أسمهان في حي الفجالة، وسمع صوتها وقال: “…هذا صوت من الجنة.”


ـ رياض السنباطي قال: “إن أسمهان هي المطربة العربية الوحيدة التي وصلت إلى مرتبة منافسة أم كثلوم، رغم قصر عمرها الفني.


ـ الشيخ محمود صبح سمع أسمهان تغني لأم كلثوم فقال: “…عندما ينضج صوتك يا أسمهان سيكون لك شأن عظيم.

ـ محمد عبد الوهاب قال: “… إن أسمهان فتاة صغيرة لكن صوتها صوت امرأة ناضجة.”

ـ محمد محمود خليل، الوزير السابق ورئيس مجلس الشيوخ في مصر أيام الملك فاروق، بعد أن سمعها للمرة الأولى تغني قال:
“… البنت دي تقدر تكتسح عالم الغناء في مصر فهي جميلة ومهذبة ومتعلمة وبنت أصل وصوتها جميل.

ـ حسب الموسيقي سليم سحاب، فإنه لم يكن ثمة جدل في عظمة صوت أسمهان. لكن الجدل كان في المفاضلة بينها وبين أم كلثوم، سيدة الغناء العربي بلا منازع.


ـ فريد الأطرش قال إنها ربما تنافس أم كلثوم عبر ألحان القصبجي، لو تسنى لها العيش سنوات أطول.
فيما يخالفه الرأي الناقد المصري كمال النجمي في كتابه “الغناء المصري”، حيث قال إنه لو قدّر لأسمهان أن تعيش عمراً أطول لما كان في مقدورها أن تنافس أم كلثوم، على رغم عظمة صوتها وإحساسها وأدائها، لأنها كانت تحيا حياة صاخبة، فلا تُعنى بصحتها وسلامة حنجرتها، والدليل جهد صوتها في أغنيات فيلم “غرام وانتقام”.
النهاية

أحست أسمهان بالإرهاق إبان تصويرها لفيلم “غرام وانتقام” فأخذت إجازة من مخرجه يوسف وهبي لتذهب إلى منطقة رأس البر ترتاح فيها بضعة أيام على شاطئ البحر مع صديقتها ماري قلادة.


استقلت السيارة في الثامنة من صباح الجمعة 14/7 1944 وجلست مع قلادة في المقعد الخلفي، وحين وصلت السيارة إلى منطقة بين قرية طلخا ومدينة المنصورة اعترضها مطب وفقد السائق سيطرته على السيارة وانحرفت بسرعة وسقطت إلى يمين الطريق حيث الترعة، فرع من النيل، وهي نهر عمقه ثلاثة أمتار وفي هذه اللحظات استطاع السائق أن يقفز من السيارة ولم يصب بأذى في حين سقطت السيارة بأسمهان وماري في الماء بسرعة وغمرتها المياه قبل أن يتمكن أحد من إنقاذهما.

وساد الاعتقاد بعد ذلك وحتى الآن، إن السائق تم تدريبه من قبل الاستخبارات البريطانية لأجل إنهاء حياة أسمهان بهذا الشكل المفجع، إذ تمت تصفية الكثير من الأسماء المعروفة بهذه الطريقة. رغم أن أسمهان تعرضت إلى محاولات اغتيال سابقة، أو حوادث قد تكون صدفة لكنها كانت قاتلة نجت منها بأعجوبة. وقد أشارت أصابع الاتهام إلى جهات عدة أخرى، منها شقيقها فؤاد الذي كان غاضباً منها والملك فاروق الذي رفضته ولم تستجب لنزواته، والملكة نازلي بسبب تحديها الدائم لها وأخرى لأم كلثوم التي أشيع أنها كلفت السائق بالتخلص من أسمهان، لأنها كانت منافستها على قمة الغناء، ثم زوجها أحمد سالم رغم توقيفه بتهمة محاولة قتلها.

يذكر أن أي ذكر للسائق لم يرد في التحقيقات أو المقالات أو الاتهامات ولم يعرف مصيره حتى اليوم.

يوم ماتت أسمهان انتحر شاب عراقي في بغداد كان من عشاق صوتها، إذ ألقى بنفسه في نهر دجلة. وفي دمشق حاول شاب آخر الانتحار متناولاً كميات من الدواء وأنقذ في المستشفى، وفي بيروت انتحرت فتاة لبنانية ملقية نفسها من أعلى صخرة الروشة.
دفنت في أرض النيل كما دفن إلى جوارها فيما بعد الراحل فريد الأطرش حسب وصيته. وهكذا سميت فيما بعد عروس النيل وهي التي غنت “أنا بنت النيل” لتنهي بغيابها رحلة قصيرة، شاقة، تاركة صوتها يرن في أرجاء المعمورة.


يذكر أن مواقع ألكترونية خصصت لها في الآونة الأخيرة على الأنترنت من قبل عشاقها، بعد أن كتبت عنها كتب عديدة، ومقالات لا تحصى، في الصحافة اليومية والأسبوعية العربية، وكاسيتاتها تملأ الإذاعات، والفضائيات تستعيد بعضاً من مشاهدها الاستعراضية القليلة في فيلميها.صوتها ما يزال المدرسة التي تنهل منها عاشقات الغناء في الشرق في محاولات منهن بلوغ ذروة هذا الصوت من دون الوصول إلى هذا الهدف، وكم من محاولات سينمائية لإنتاج قصة حياتها فشلت حتى الآن ولم نعرف أسباب الفشل، لكن يبقى التمني أن يرى فيلماً عن أسمهان النور ليكون عبرة للأجيال وليوثق لحياة فنانة تركت أثراً في الغناء العربي الجميل.


اختلفت الدراسات حول تاريخ ولادة أسمهان. فحسب سعيد الجزائري، في كتابه “أسمهان ضحية الاستخبارات” فإن أسمهان ولدت في 25 تشرين الثاني عام 1912 في الباخرة التي أقلتها ووالديها إلى بيروت برفقة أخويها فؤاد وفريد. لكن فيكتور سحاب في كتابه “السبعة الكبار” يذكر أنها ولدت في 24 تشرين الثاني عام 1917، وفي مقالات صحفية أخرى نقرأ أنها ولدت في العام 1918.

ونحن نميل إلى التاريخ الأول الذي ذكره الجزائري، وكرره أكثر من مرة وموقع في كتابه المذكور، أي العام 1912، ذلك أن الباحث سحاب يذكر في كتابه، إن أسمهان غنت في مرحلة عمرها الفني الأولى (1932 ـ 1933) أغنيات: “كنت الأماني”، “كلمة يا نور العيون”، و”أين الليالي”، من ألحان محمد القصبجي. وأغنية “هديتك قلبي” للشيخ زكريا أحمد. ويقول سحاب: “…وكان صوتها آنذاك مفتوحاً وحاداً…”. فإن كانت من مواليد 1917 حسبما ذكر، فهذا يعني إن عمرها في العام 1932 هو 15 سنة، وبذلك يساورنا الشك أن يكون الصوت مفتوحاً لهذا الحد الذي تمتلكه الخبيرات، أما حدته فهو من حال أصوات الأطفال عموماً والفتيات في هذه السن، لا كما هو صوت المرأة الناضج. لكن لو صحّ أنها من مواليد عام 1912 فإن عمرها يقترب من العشرين ربيعاً حين غنت للقصبجي وزكريا أحمد الأغنيات المذكورة، وفي هذه السن يكون الصوت بالفعل مقترباً من النضوج ـ إلى حدّ ما ـ ويكون مفتوحاً وواضحاً وحاداً، وبذلك يكون في العام 1938ـ حسب سحّاب ـ “… بدا تمكن أسمهان من أصول الغناء التقليدي في أغنية للقصبجي ليت للبراق عيناً … في المرحلة الثانية من عمرها الفني، وبالفعل تكون أفادت كثيراً من الأصوليين أمثال داود حسني ومحمد القصبجي…”.

***

آمال فهد الأطرش، أو أمل أو بحرية أو إميلي فكل من زوجها ووالديها وراهبات المدرسة الانكليزية وغيرهم كان يحلو له أو يرغب بتسميتها حسب رغبته. فيما المعروف أن اسمها الفني “أسمهان” أطلقه عليها كما أسلفنا الملحن الكبير داود حسني.

***

والدها فهد الأطرش، مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا. والدتها عالية المنذر.
استقر والدها في بيروت بعد تعيينه معتمداً عن الدروز، من قبل المفوض السامي الفرنسي. وتوفي بعد اندلاع المعارك بين الفرنسيين والدروز في لبنان .

***

غادرت والدتها برفقتها وأخوتها الأربعة فؤاد وفريد وأنور ووداد إلى الاسكندرية ثم القاهرة، حيث استقرت في حي الفجالة الشعبي. وفي البداية عملت الأم في الأديرة لتعتاش وتربي أولادها، وكذلك على بعض الإعانات ثم توفي أخواها أنور ووداد.

***

شقيقها الأكبر فؤاد، عمل مساعداً لطبيب أسنان بعد أن كبر وأدخلت أسمهان المدرسة الإنكليزية، وهناك كانوا ينادونها “إيميلي”، ثم بدأت مواهب فريد الفنية تظهر وهو مايزال بعد تلميذاً في مدرسة الفجالة الابتدائية، حيث بدأ الغناء في المدرسة وفي بعض الحفلات الخاصة، ثم في الإذاعات المحلية إلى أن وصل إلى إذاعة القاهرة واحترف الغناء فيما بعد.

***

كانت آمال تشارك فريد ولعه بالموسيقي والأحلام الفنية، كانت تغني لنفسها ولوالدتها التي كانت تشجعها مع شقيقها فريد، ولذلك دخلت أسمهان أجواء الغناء والحفلات.

***

بدأت في الخامسة عشرة، تتعلم على أيدي الملحنين أمثال داود حسني ومحمد القصبجي وغيرهما. فيما كانت على خلاف دائم مع شقيقها فؤاد ويصل الأمر في غالب الأحيان إلى ضربها وهروبها من البيت.

***

تزوجت ابن عمها حسن الأطرش وأنجبت منه خلال سنوات الزواج التي استمرت من 19الى 1939، بنتاً أسمتها كاميليا.


***

تنبأ لها أحد الفلكيين المعروفين “الأسيوطي” بأنها ستكون ضحية حادث وستنتهي في الماء. وهذا ما حدث، إذ غرقت سيارتها في ترعة ماء أثناء توجهها إلى رأس البر.



سحر طه – المستقبل





https://www.youtube.com/watch?v=SgJtgx99MB8

ليل و طرب
24-03-2015, 10:25 PM
http://www9.0zz0.com/2015/03/24/22/682740874.jpg (http://www.0zz0.com)

ليل و طرب
24-03-2015, 10:30 PM
مشهد النهاية




https://www.youtube.com/watch?v=25cq41O7-Z4

ليل و طرب
24-03-2015, 11:24 PM
من بين قادة الثورة وزعمائها الأمير زيد الأطرش شقيق عطوفة سلطان باشا الأطرش فقد كان من القادة العسكريين البارزين ومن المخططين والمفكرين هيئة أركان الثورة كما أنه كان شاعرا شعبيا فذا . وقد عثرنا في كتاب السيد حسن القيسي نصر الصادر في دمشق عام 1997 بعنوان " قبسات من التراث الشعبي في جبل العرب " على وصف لموقف مشرّف للأمير زيد الأطرش حيث كان أحد الثوّار اللاجئين في وادي السرحان وكان كغيره يقاسون من شظف العيش ويأكلون العشب ويقضون أحيانا بعض الأيام بدون طعام أو شراب وفي تلك الأثناء وصلت إلى وادي السرحان قصيدة تلقي اللوم على الثوار خاصة عطوفة سلطان باشا الأطرش متهمة إياهم أنهم كبّدوا البلاد الكثير من الشهداء والضحايا وأوصلوها على أحوال اقتصادية سيئة لقيامهم بالثورة وكان البيت الأول من هذه القصيدة التي وصلت إلى وادي السرحان يقول :


يا ديرتي مالك علينا لوم لا تعتبي لومك على سلطان



فهاج الأمير زيد الأطرش وانفعل وردّ على هذه القصيدة بقصيدته المشهورة التي نقلتها فيما بعد الإذاعات
بصوت المطربة الكبيرة أسمهان في فيلمها الثاني والأخير (غرام وانتقام )


حيّاك يا عِلمٍ لَفانا اليومْ مِن سُربةٍ بديرةِ الريّان
أبطالنا وبظهر السبايا دوم من فوق ضُمّر كلهم عقبان

يا ديرتي ما لك علينا لوم لا تعتبي لومك على من خان

حِنّا روينا سيوفنا من القوم وما نرخصك مثل العفن بأثمان
وان ما خذينا حقّنا من القوم حرام علينا شفة الفنجان

يا طير ياللي بالمَنايا تحوم هَوِّد على اللي بالوطن خوّان

وان ما عدّلنا حقنا المهضوم يا ديرتي ما احنا لك سكّان
لا بُد ما تغدي ليالي الشوم وتعتز الغلمة اللي قادها سلطان



https://www.youtube.com/watch?v=UgHhOUdbSKA


في عام 1944 طلبت أسمهان حشر موال " يا ديرتي مالك علينا لوم " من ألحان شقيقها فريد الأطرش
ضمن أحداث فيلم غرام وانتقام وكانت ملامح الجدية تسيطر على وجهها أثناء أدائه

تم تحليل موال " يا ديرتي مالك علينا لوم " موسيقياً وتاريخياً من قبل الدكتور سعد الله آغا القلعة
في الحلقة الأخيرة من برنامج " أسمهان " ضمن مشروعه " كتاب الاغاني الثاني"
حيث كشف أسباب طلب أسمهان حشر هذا الموال في الفيلم وأسباب جديتها أثناء أدائه

والرسالة التي وجهتها من خلاله ، ولمن وجهت هذه الرسالة

ليل و طرب
25-03-2015, 12:00 AM
ساعة طرب مع المطربة اسمهان




https://www.youtube.com/watch?v=gKTBlACzkSk

ليل و طرب
25-03-2015, 07:29 PM
أسمهان ماتت مقتولة برصاصة في رأسها قبل غرقها


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupbfc9d845d5871.jpg (http://up.harajgulf.com/)



إن آخر ما ظهر من هذه الأدلة هو الدراسة التي نشرتها جريدة الفجر المصرية، وهي أن أسمهان لم تمت غرقاً ، وإنما ماتت مقتولة ، وقد أعادت قراءة وقائع الحادثة من خلال صحف ذلك الوقت، واستوقف المحقق معلومة تم التغاضي عنها بأوامر عليا، وهي شهادة أهالي القرية التي غرقت فيها سيارة أسمهان بأنهم وجدوا رصاصة في رأسها عند انتشال جثتها من الغرق هي وسكرتيرتها ماري قلادة ، وأن الترعة التي وقعت فيها سيارتها لم تكن بالعمق الذي يؤدي إلى الغرق بدليل خروج السائق وهروبه سريعاً ، كما سجل المحقق رفض الفنان فريد الأطرش مطالبة البعض بتشريح جثة أسمهان وقيل: إن ذلك بأوامر عليا . لم يفصح عنها فريد حينها ولا بعد ذلك ، كذلك تغيير السائق الذي كان من المفترض أن يصطحبها وتبكيره عن موعده بثلاث ساعات ، كما ثبت خلال التحقيقات أنه قبل وصول عربة أسمهان بساعة تم قطع الطريق لعمل إصلاحات مفاجئة مما يجبر السائق على المرور بجانب الطريق الذي يدفعه إلى الترعة ، وأنه في نفس لحظة وقوع السيارة تلقت أسمهان وسكرتيرتها رصاصة في الدماغ ، وماتت قبل السقوط .



http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupb71c1d97b61e2.jpg (http://up.harajgulf.com/)



أما عن قتلة أسمهان فلأول مرة تضم القائمة أسماء فؤاد الأطرش ، وأهلها في جبل الدروز ، والملك فاروق ، الذي أراد أن يتخلص منها بأوامر الملكة نازلي ، كي يتفرغ أحمد حسنين لها بعدما هجرها من أجل أسمهان ، أيضاً آخر أزواجها المخرج أحمد سالم ، الذي أطلق عليها الرصاص من قبلها بيوم واحد ونجت بأعجوبة، وكذلك المخابرات البريطانية التي كشفت علاقتها بالمخابرات الألمانية ، وأيضاً اتهم البعض المخابرات الألمانية التي عرفت أنها عميل مزدوج لهم وللإنجليز




http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup5e4a0100a3a83.jpg (http://up.harajgulf.com/)



أما آخر ما قيل عن المرأة اللغز هو لعنتها التي لم تترك أحداً بداية من زوجها المتهم بقتلها أحمد سالم ، والذي تم اغتياله طبياً أثناء إجرائه عملية اللوز بعام واحد فقط ، وكذلك مقتل سائق سيارتها الذي نفذ عملية الغرق بعدها بعام ، وموت أحمد حسنين بعدها بفترة قصيرة ، والنكبات التي حلت على الملكة نازلي التي وصلت لدرجة التسول في أمريكا ، وخروج فاروق مطروداً من مصر ، وهزيمة ألمانيا .

ليل و طرب
25-03-2015, 07:41 PM
http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup2619fda489c41.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupe6dec7ddc8fd2.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupb80ab9bd19843.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupb6784bbbf6804.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup5f6ee219fef35.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupb06d46b33a336.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup8e0e9bcf80e17.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupdcdcc927e7cb8.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup9e2f650736f59.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupc02c570f8c3010.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup52de5ea1db0a1.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup38c0769d24532.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup9918571e125c3.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup1588c57db05a4.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup3b881b75d12e5.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup2bfe1dd9ea576.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup9162be50671c7.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup14ed8a6379328.jpg (http://up.harajgulf.com/)


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup0a18ff4013c79.jpg (http://up.harajgulf.com/)

ليل و طرب
25-03-2015, 08:01 PM
سجلت أسمهان قصيدة أيها النائم أثناء أدائها لدور المغنية سهير في فيلم غرام وانتقام وأتت هذه القصيدة ضمن أحداث الفيلم لترثي بها زوجها الذي قتل .. القصيدة من كلمات الأستاذ أحمد رامي وألحان الأستاذ رياض السنباطي

تعتبر هذه الأغنية إلى جانب قصيدة أيها الراقدون للأستاذ محمد عبد الوهاب من أهم ما قدمه الغناء العربي في الرثاء ، وتأتي أهميتها هنا من أن أسمهان كانت دون أن تعلم ترثي نفسها إذ أنها غادرت هذه الدنيا بعد أيام فقط من تسجيل الأغنية





https://www.youtube.com/watch?v=qxrpr-Pc3X4

ليل و طرب
25-03-2015, 08:05 PM
مجنون ليلى

شعر : أحمد شوقي .. غناء : محمد عبدالوهاب و أسمهان




https://www.youtube.com/watch?v=D5sGPnzyIEY

ليل و طرب
25-03-2015, 08:13 PM
فرق ما بينا ليه الزمان .. ده العمر كلو بعدك هوان

فؤادي في حبك مجروح وقلبي من بعدك بينوح

تعال شوف يا حبيب الروح .. ده العمر كلو بعدك هوان

اسباب شقايه ذل الفؤاد والعين ضناها كتر السهاد

ايمتى يعود لي عهد الوداد .. ده العمر كلو بعدك هوان

عاهدت قلبي أصون هواك مهما تقاسيني اطلب رضاك

واشوف نعيمي ساعة صفاك .. ده العمر كلو بعدك هوان

يا ريت فؤادك يعطف عليه وتعود اليه يا نور عنيه

وافرح بقربك وانسى الأسيه .. ده العمر كلو بعد هوان



https://www.youtube.com/watch?v=TNK1K2iBRIo

ليل و طرب
25-03-2015, 08:31 PM
أحمد شوقي و محمد القصبجي

هل تيّم البان فؤاد أسمهان

الأغنية التي أوصلتها الى القمة و هب لها كبار الملحنين و المؤلفين




https://www.youtube.com/watch?v=YokErj9G2BI

ليل و طرب
25-03-2015, 08:52 PM
فريد الأطرش كان يتمنى وجود الصوت الذي يعوض صوت أسمهان

ولكن ..




https://www.youtube.com/watch?v=kWIB_m6HT2Q

ليل و طرب
25-03-2015, 09:18 PM
في ذكرى أميرة السماء أسمهان




https://www.youtube.com/watch?v=b3fxvY8sqJo


ــــــــــــــــ




https://www.youtube.com/watch?v=wQqlTJxoDoE

ليل و طرب
25-03-2015, 09:36 PM
http://www10.0zz0.com/2015/03/25/21/692759399.jpg (http://www.0zz0.com)



إن لم نجد من يهزمنا .. هزمنا أنفسنا بأيدينا


وكانت النهاية

عبدالله مريط
25-03-2015, 09:50 PM
أسمهان ماتت مقتولة برصاصة في رأسها قبل غرقها


http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupbfc9d845d5871.jpg (http://up.harajgulf.com/)



إن آخر ما ظهر من هذه الأدلة هو الدراسة التي نشرتها جريدة الفجر المصرية، وهي أن أسمهان لم تمت غرقاً ، وإنما ماتت مقتولة ، وقد أعادت قراءة وقائع الحادثة من خلال صحف ذلك الوقت، واستوقف المحقق معلومة تم التغاضي عنها بأوامر عليا، وهي شهادة أهالي القرية التي غرقت فيها سيارة أسمهان بأنهم وجدوا رصاصة في رأسها عند انتشال جثتها من الغرق هي وسكرتيرتها ماري قلادة ، وأن الترعة التي وقعت فيها سيارتها لم تكن بالعمق الذي يؤدي إلى الغرق بدليل خروج السائق وهروبه سريعاً ، كما سجل المحقق رفض الفنان فريد الأطرش مطالبة البعض بتشريح جثة أسمهان وقيل: إن ذلك بأوامر عليا . لم يفصح عنها فريد حينها ولا بعد ذلك ، كذلك تغيير السائق الذي كان من المفترض أن يصطحبها وتبكيره عن موعده بثلاث ساعات ، كما ثبت خلال التحقيقات أنه قبل وصول عربة أسمهان بساعة تم قطع الطريق لعمل إصلاحات مفاجئة مما يجبر السائق على المرور بجانب الطريق الذي يدفعه إلى الترعة ، وأنه في نفس لحظة وقوع السيارة تلقت أسمهان وسكرتيرتها رصاصة في الدماغ ، وماتت قبل السقوط .



http://up.harajgulf.com/uploads/gulfupb71c1d97b61e2.jpg (http://up.harajgulf.com/)



أما عن قتلة أسمهان فلأول مرة تضم القائمة أسماء فؤاد الأطرش ، وأهلها في جبل الدروز ، والملك فاروق ، الذي أراد أن يتخلص منها بأوامر الملكة نازلي ، كي يتفرغ أحمد حسنين لها بعدما هجرها من أجل أسمهان ، أيضاً آخر أزواجها المخرج أحمد سالم ، الذي أطلق عليها الرصاص من قبلها بيوم واحد ونجت بأعجوبة، وكذلك المخابرات البريطانية التي كشفت علاقتها بالمخابرات الألمانية ، وأيضاً اتهم البعض المخابرات الألمانية التي عرفت أنها عميل مزدوج لهم وللإنجليز




http://up.harajgulf.com/uploads/gulfup5e4a0100a3a83.jpg (http://up.harajgulf.com/)



أما آخر ما قيل عن المرأة اللغز هو لعنتها التي لم تترك أحداً بداية من زوجها المتهم بقتلها أحمد سالم ، والذي تم اغتياله طبياً أثناء إجرائه عملية اللوز بعام واحد فقط ، وكذلك مقتل سائق سيارتها الذي نفذ عملية الغرق بعدها بعام ، وموت أحمد حسنين بعدها بفترة قصيرة ، والنكبات التي حلت على الملكة نازلي التي وصلت لدرجة التسول في أمريكا ، وخروج فاروق مطروداً من مصر ، وهزيمة ألمانيا .







مساء الخير عزيزي ليل وطرب

أنا من عشاق هذه المطربة وأحب أغانيها كثيرا وأهوى صوتها ...

لكن بالنسبة لوفاتها لم تذكر أم كلثوم

حيث أن هناك بعض المعلومات التي تقول أن أم كلثوم لها يد في مقتلها ؟؟.....

ليل و طرب
26-03-2015, 06:06 PM
هلا عبدالله

منطقياً .. لا اعتقد أن أم كلثوم لها علاقة في حكايات القتل

ولا حتى تمتلك الشجاعة الكافية للتفكير في هذا الجانب

ليل و طرب
26-03-2015, 06:25 PM
لماذا اتهِمت أم كلثوم بقتل أسمهان ؟


http://www8.0zz0.com/2015/03/26/18/734854565.jpg (http://www.0zz0.com)


مواجهات يشهد عليها التاريخ

إعداد: محمد الحسيني



التاريخ تسطره إنجازات صنّاع أحداثه من الرجال والنساء، وكم لنا في هذا التاريخ من عِبَر ومواقف تستحق أن نقف عندها لنستفيد منها أو نثري بها معلوماتنا .. في بحر الزمن نغوص لنستحضر على مدى 30 حلقة مواجهات لا تنسى من مختلف العصور والحضارات في مجالات الحرب، الأدب، الفن والرياضة، كان التاريخ شاهدا عليها وتستحق أن نستعيدها

السنباطي أكد أنه لم تنافس مطربة أم كلثوم إلا أسمهان ..

كل منهما تخطت حدود «القومية» في شهرتها وذاع صيتها في كل مكان، فأسمهان وأم كلثوم في مرتبة كبيرات عالم الفن في العالم أمثال غريتا غاربو واديث بياف وايللا فيتزجيرالد وغيرهن ممن حفرن أسماءهن في ذاكرة الشعوب.



أظهر المسلسل الأخير عن حياة كوكب الشرق أم كلثوم، الذي قامت ببطولته الفنانة صابرين وكتبه محفوظ عبدالرحمن وأخرجته انعام محمد علي، منيرة المهدية على انها كانت المنافسة الأقوى لأم كلثوم رغم ان ذلك يجافي الواقع ولا يتفق مع الحقيقة، لأنه بين العشرينيات والأربعينيات، حيث سجلت أم كلثوم بدايتها القوية، لم يكن من الممكن الحديث بواقعية عن مطربة قادرة على فرض نفسها كغريمة لأم كلثوم بالصوت والموهبة ونوعية الأعمال سوى أسمهان. ما يجمع بين أم كلثوم المولودة في 1904 وأسمهان المولودة في 1912 هو ان كلا منهما أظهرت براعتها منذ الصغر وأسرت كل من قابلها من شعراء وملحنين... وحتى وفاة أسمهان عام 1944 قدمت كل منهما بالتزامن مع الأخرى أغاني دخلت التاريخ نسمعها اليوم ولها نفس الأثر والشهرة اللذين كانا لها بالماضي.



أغان خالدة

ففي تلك الفترة أبدعت أم كلثوم في «رق الحبيب، على بلد المحبوب، ياللي رعيت العهود، اذكريني، أنا في انتظارك، الأولة في الغرام، حبيبي يسعد أوقاته...» بينما شجت أسمهان في أجمل أغانيها ومنها «اسقنيها، ليالي الأنس في ڤيينا، يا طيور، امتى حتعرف، يا حبيبي تعالى، فرّق ما بينا الزمان، نويت أداري آلامي، وأهوى..».

المقارنة بين نوعية هذه الأعمال التاريخية والتعامل مع ملحنين مشتركين دليل على التقارب الذي كان بين المطربتين اللتين كان يفرقهما بالمقابل المستوى الاجتماعي لعائلتيهما، فأسمهان الملقبة بـ «أميرة الغناء» تنحدر من أسرة الأطرش المرموقة اجتماعيا والناشطة سياسيا، أما أم كلثوم فكانت تردد بفخر انها «فلاحة» من بيئة شعبية متدينة، وظلت متأثرة بعاداتها القروية ولهجتها حتى انتقلت الى القاهرة، حيث اقتحمت المجتمع «المخملي» ـ كما سُمي ـ وتأثرت بلباسه وثقافته متخطية الحواجز بينها وبينه، دون ان تتنكر لأصلها حتى آخر لحظة من حياتها. وعلى الصعيد الشخصي، كان الاختلاف كبيرا بين السيدتين، فأسمهان تزوجت 3 مرات من الأمير حسن الأطرش (الذي انفصلت عنه وعادت اليه مرة أخرى)، والمخرج أحمد بدرخان (الذي تزوجته عند اخراجه فيلمها الأول لتتمكن من البقاء في مصر)، والممثل أحمد سالم الذي كان شديد الغيرة عليها وتسبب لها في الكثير من المشاكل في نهاية حياتها. والى جانب علاقاتها الزوجية، ارتبطت أسمهان بعدة علاقات غرامية أبرزها مع رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا المرتبط بعلاقة مع والدة الملك فاروق «ناظلي»، فرأت الأخيرة في أسمهان غريمة لدودة لها، ودار بينهما صراع تناقلته الألسن ووصل الي فؤاد الأطرش شقيق أسمهان الذي كانت علاقتة بأخته سيئة جدا، كما باقي أفراد العائلة، باستثناء شقيقها الثاني الموسيقار فريد الأطرش الذي كان «أخوها بالجسد والروح» كما يقال عنهما وأبدع معها في أجمل أعمالها.

هذه الصورة المضطربة كانت غائبة عن حياة أم كلثوم منذ أن تمكنت من الاكتفاء ماديا لإعالة أسرتها من عملها الفني، وحيدت المشاكل التي كان من الممكن ان تواجهها، حتى العاطفية منها، ولم تتزوج رغم كثرة طالبي يدها والمغرمين بها، الى ان وجدت في الزواج حماية لها فقررت الارتباط بطبيبها د.حسن الحفناوي الذي كان متفهما لمكانتها الاجتماعية وما تقدمه من قيمة فنية لمصر والعالم العربي، ولكن لابد هنا من الاشارة الى ان أم كلثوم كادت تتخذ قرار الزواج مرتين، الأولى مع الملحن محمود شريف وعطلها جمهورها باعتراض كبير، والثانية مع خال الملك فاروق شريف صبري باشا الذي رضخ لقرار القصر وتراجع فواجهت أم كلثوم التجربتين بقوة.

وعلى الصعيد السياسي، كانت كل من أم كلثوم وأسمهان ناشطتين سياسيتين مقربتين من دوائر القرار، سواء بالقصر الملكي (بالنسبة للاثنتين) أو ما بعد الثورة، بالنسبة لأم كلثوم، لكن الأخيرة حصرت نشاطها بالأغاني الوطنية والأنشطة الخيرية، اضافة لرئاستها لنقابة الموسيقيين وتبني قضاياهم، بينما احترفت أسمهان ـ كما يُنقل ـ العمل المخابراتي وتنقلت بالعمل لصالح كل من أجهزة استخبارات الحلفاء بالحرب العالمية الثانية (بريطانيا وفرنسا) وأحيانا لصالح استخبارات ألمانيا النازية أو المتعاونين معها.

وما هو مؤكد أن أسمهان سعت في عام 1941 لمساعدة الإنجليز على مواجهة نفوذ حكومة ڤيشي الفرنسية الموالية للنازيين في لبنان وسورية عبر اقناعها وجهاء الدروز (أسمهان درزية والدها فهد الأطرش من جبل الدروز، وأمها من آل المنذر من جبل لبنان) بعدم التعاون مع حكومة ڤيشي الموالية للألمان وتسهيل مهمة الجيوش الموالية للجنرال ديغول الذي يقود حركة فرنسا الحرة ومعه الإنجليز لاستعادة النفوذ على سورية ولبنان وفلسطين.

وبعد نجاح الإنجليز وديغول في المهمة كرم الإنجليز أسمهان علنا وأغدقوا عليها الأموال وأعادوها لزوجها الأول الأمير حسن الأطرش، إلا أن ادمانها على الشراب وعدم اكتراثها بحياتها العائلية أديا لانفصالهما مجددا وتوتير علاقتها مع مموليها الإنجليز لدرجة جعلت المفوض الإنجليزي في لبنان الجنرال سپيرز يقول إنها «كثيرة الكلام ومدمنة على الشراب وانه قطع كل علاقة معها».

وبعدما فقدت ما جمعته من ثروة في لبنان والجزء الكبير منها ذهب كمساعدات للعائلات الفقيرة التي كانت تقدمها بشكل أسبوعي قررت العودة الى مصر، حيث مثلت فيلمين وتزوجت ببدرخان ثم بسالم قبل ان تموت في ظروف غامضة عام 1944.



http://www8.0zz0.com/2015/03/26/18/283171396.jpg (http://www.0zz0.com)


مصرع أسمهان

في يوم الجمعة 14 يوليو 1944 وبينما كانت في رحلة استجمام مع صديقتها ماري قلادة في «رأس البر» التي توجهت اليها بعد أزمة مع زوجها أحمد سالم، فقد سائق السيارة التي كانت تقلهما السيطرة عليها وسقطت في ترعة فماتت أسمهان وماري ونجا السائق الذي فر إلى جهة مجهولة! هروب السائق عزز الشكوك في ان الحادث عمل جرمي مفتعل، وثار السؤال الذي مازالت الإجابة عنه مجهولة حتى اليوم: من قتل أسمهان؟




من قاتل أسمهان؟

لائحة المتهمين طويلة جدا ولم تنج حتى أم كلثوم منها، وهي تضم الملكة نازلي، وشقيق أسمهان فؤاد الذي كان يضيق ذرعا بتصرفات اخته وعلاقاتها، وزوجها أحمد سالم الذي أحرقته نار الغيرة، والمخابرات البريطانية التي كانت أسمهان تختزن في ذاكرتها الكثير من المعلومات عنها أو حتى عملاء الاستخبارات الألمانية.

ومازاد من الغموض هو صمت فريد الأطرش الشقيق المقرب لأسمهان عن الكلام وموافقته على إغلاق الملف في المحكمة التي ردت موت «أميرة الغناء» لإهمال السائق.



طبيعة العلاقة مع أم كلثوم

الغريب أن شائعة تورط أم كلثوم لم تتم اثارتها إثر الحادث وانما بعد سنوات طويلة، حيث ظهرت في مجلة مصرية ولاقت رواجا يقال انه آلم أم كلثوم كثيرا، خاصة انها كانت تكن لأسمهان محبة وانهما التقتا في أكثر من مناسبة وكانت اسمهان تقول لها «غنيلي يا أم كلثوم» فلا تتردد أم كلثوم في ذلك، كما ينقل الإعلامي عبدالله أحمد، كما ان أيا منهما لم تقم بأي إساءة للأخرى رغم ان آراء عديدة كانت تؤكد انهما تتنافسان على زعامة الغناء، ومن بين هذه الآراء ما قاله الملحن الكبير رياض السنباطي عندما أشار الى ان اسمهان هي المطربة الوحيدة التي استطاعت منافسة أم كلثوم، أما الصحافي الياس سحاب فكان يقول ان صوت أسمهان أكثر أنوثة ودفئا انسانيا، ولكن مساحات أم كلثوم الصوتية أوسع، ما يمنحها تملكا أكبر من الصوت وعظمة أكبر.

وغياب الدلائل الملموسة عن دور ما لأم كلثوم في مصرع أسمهان وعدم اثارتها إلا في مرحلة لاحقة من قبل أعداء لأم كلثوم على الأرجح، يجعلنا نصنف الاتهام بإطار «نظرية المؤامرة» المعروفة على كل الصعد في العالم العربي.



ماذا لو..؟

ماتت أسمهان في ريعان شبابها واستمرت أم كلثوم وقدمت بين 1944 و1975 سنة وفاتها أجمل وأروع الأعمال وتنافس كبار الملحنين والشعراء على تقديم أجمل ما أبدعته قرائحهم لها، وكرست نفسها في مكانة لا يبلغها إلا العظماء في عالم الفن، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا لو واصلت أسمهان مسيرتها ولم تمت أو تقتل؟ هل كانت ستبلغ المرتبة نفسها؟