PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : عظمة على عظمة يا عظمة



ليل و طرب
28-04-2015, 11:10 AM
عظمة على عظمة يا عظمة


أحمد العزب ــ صحفي مصري



http://www6.0zz0.com/2015/04/28/11/263993288.jpg (http://www.0zz0.com)



مش غريب إني انشغل فترة طويلة بالشخص اللي واقف على حيله ورا فرقة أم كلثوم طول وقت الحفلة مهما امتدت لساعات، ساند آله بحجم جسمه تقريبًا، وبيضرب على أوتارها باستمتاع غير عادي، رغم إنها آله غير مشهورة ولا لها صيت بالمرة بين المستمعين

في كل مرة كنت بحاول فيها أركز معاه أكتشف إنه عايش حاله من الحلم والانتشاء غير طبيعية، وبيمرر صوابعه على الأوتار بخفة وكأنه بيراقص الآله اللي معاه كامرأة جميلة في حفل ساهر داخل قصر ملكي

ثابت على الأرض.. رافع راسه لعنان السماء.. بيعزف بمنتهى العظمة، وكأنه بيقول لنفسه “أنت بتعزف ورا الست مش أي حد"، أو بيتخيّل للحظات إنه العازف الوحيد وراها، وإن العيون كلها عليه وحده، لذلك لازم يكون في أبهى أحواله

الشخص ده هو "عباس فؤاد"، أقدم عازف "كونترباص” في فرقة الست، واللي فضل عازف الكونترباص الوحيد في فرقتها لسنوات طويلة، لحد ما كبر ابنه “عصمت” وبقى هو كمان عازف كونترباص من عشقه لأبوه، وأصبح زميله في الفرقة وعضو ثاني بجانبه

“عصمت” الابن أثناء ما كان بيحكي عن سبب تعلقه بآلة الكونترباص رغم إنها آله مش مشهورة، تجاهل تمامًا الكلام عن عشقه الخاص وبدأ يتكلم عن عشق أبوه للآله اللي خلى الطفل الصغير يحس إن الآله دي زي الجنيّة المسحورة، قدرت تخطف قلب أبوه وتحوّله لعاشق في ليل ربيعي مابيعرفش ينام إلا في حضن عشيقته، بالتالي كان من المنطقي إنه كـ ابن يتمنى يعيش نفس العشق، ويكون خليفة لأبوه

“عباس فؤاد” كان واحد من العازفين القلائل اللي قدروا يحركوا آهات محمد عبدالوهاب بعفوية أكتر من مرة داخل البروفات، وده يوريك أد إيه شخص زي ده من عشقة للآلة اللي بيستخدمها قدر يحوّلها لقطعة فنية بديعة، حتى لو كانت الآلة دي صداها الفني لا يتناسب طرديًا مع حجمها إطلاقًا

كانت تحديدًا بروفات “أنت عمري” ولأول مرة تقريبًا كان يبقى لآلة “عباس” صولو خاص بيها داخل المقطوعة، ويمكن للسبب ده سعى العازف الواقف على حيله دايمًا إنه يستغل الفرصة على أكمل وجه، ودخل في حديث خاص بينه وبين عشيقته أسفر عن رقصة رائعة دفعت في النهاية كل العازفين زملائه إنهم يسقفوا، وخلّت عبد الوهاب يقف هو كمان على حيله ويقوله: “إنت حاجه عظمة"

في يوم الخميس 6 فبراير عام 1964، وعلى مسرح الأزبكية، كان عبد الوهاب واقف ورا الكواليس، متأهب وعايش حالة توتر كبيرة نظرًا لعلمه المسبق إن الجميع في انتظار "لقاء السحاب” الأول، وكأنه بيختبر نفسه لأول مره.. وقتها مرّت الأغنية، لحد ما وصلت لـ صولو “الكونترباص” اللي عزفه عباس فؤاد كما لو كان بيلعب مباراة اعتزاله فابيسعى لترك ذكرى تليق بتاريخه، لدرجة دفعت موسيقار الأجيال للصراخ من ورا الكواليس وقال: “عظمة على عظمة يا عظمة” - اللي تحولت فيما بعد لهتاف خاص بأم كلثوم في جميع حفلاتها – ومن يومها أصبح “عظمة” هو لقب عباس فؤاد داخل الفرقة

“عصمت” الابن حكى يومها إن الأب كان بيعيش أسعد لحظاته خلف الست، وإنه وصل لقمة سعادته لما واحد من الجمهور سمع صراخ عبد الوهاب وهو بيقول “عظمة” فبدأ يهتف من الصالة بنفس الكلمة، لدرجة إن أم كلثوم اختلط عليها الأمر وسألت الفرقة: “هو عبدالوهاب كان بيقول عظمة لمين؟"، فـ ردوا عليها بمجاملة: "ليكي طبعًا يا ست"، لكن ده ممنعش أبدًا عازف الكونترباص إنه يصدق إن الهتاف كان يخصه بالعين، حتى لو بقى هتاف الست فيما بعد .

جرح السحاب
20-05-2015, 08:32 PM
يعجبني الواثق ...وعباس احدهم

دمت بكل خير

الف شكر

ليل و طرب
22-05-2015, 08:17 PM
الشكر لك يا جرح السحاب