PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : « نجيب محفوظ » وصوت « أسمهان » !



ليل و طرب
23-02-2016, 07:24 PM
« نجيب محفوظ » وصوت « أسمهان » !




جهاد فاضل


http://www13.0zz0.com/2016/02/19/16/218807458.jpg (https://www.0zz0.com)



استغرب كثيرون قول "نجيب محفوظ" مرة انه لم يأنس لصوت "أسمهان" ولا صوت شقيقها "فريد الأطرش" رغم ما في الصوتين من جمال، وقال هؤلاء إنهم يتجاوزون رأي الروائي العربي الكبير بصوت "فريد الأطرش"؛ لأنّ صوت فريد كان له معجبون كما كان له غير معجبين، ولكن كيف لا يعجب إنسان على وجه البسيطة بصوت "أسمهان"، وما يتضمنه من جمالات لم تجتمع مرة في صوت مطربة أخرى.

وأضاف هؤلاء المستغربون أنّه لم يكن هناك سواء في حياة "أسمهان" أو بعد رحيلها احد نجا من نفوذ صوتها فكيف لأديب كبير أن يتلافى الوقوع في نفوذه معللا سبب ذلك بعدم استساغته لصوتها أو لصوت شقيقها رغم ما في الصوتين من جمال على حد تعبيره الذي لا يخلو من دبلوماسية؟

من حق كل امرئ بالطبع أن يأنس لصوت أو ألا يأنس لصوت آخر فهذا مما لا مجال للمؤاخذة عليه، ولكن "نجيب محفوظ" رغم دبلوماسيته وكياسته كان صارماً جازماً في رفضه لهذين الصوتين بالذات، لقد ذكر في مذكراته أنه كان معجبا اشد الإعجاب بصوت "محمد عبدالوهاب" و"منيرة المهدية" و"أم كلثوم" بالذات لدرجة انه اطلق على ابنته الكبرى اسمها.

ولكن من يحب "أم كلثوم كل هذا الحب يمكن لقلبه أن يتسع أيضا ل"أسمهان" التي يجمع كل النقاد الفنيين المصريين على أنها كانت الصوت الثاني في الغناء العربي المعاصر بعد "أم كلثوم"، ولكن يبدو أنّ عنوان أحد الأفلام المصرية "القلب له واحد" يصلح لتفسير حالة "نجيب محفوظ"، فالحب كله استأثرت به كوكب الشرق، ولم تترك حتى القليل لسواها، أو لمن يرى الكثيرون أنّ هذا السوى -وهو هنا "أسمهان"- لا يقل معدن صوته ونفاسته عن "أم كلثوم".

ورغم إقرارنا بأنّ الأنس والنفور بهذا الصوت أو ذاك أمر يدخل في حسابات القلوب، ولا يخضع لمنطق، إلاّ أننا نغامر، فنحاول تفسير هذا الرفض المطلق الذي واجه به كبير كتاب الرواية العربية صوتاً ملائكياً، جلب موت صاحبته الحسرة إلى قلوب الملايين العرب عندما علموا بوفاتها، وباسمهم جميعاً كتب الأخطل الصغير يومها قصيدة رثاء فيها بدأها بالقول: أضاع جبريل من قيثارة وترا.

وأود الإشارة إلى أنّ "نجيب محفوظ" شخصية مصرية بتجذره في المصرية إلى أبعد الحدود، فهو مصري أولاً وأخيراً، ولا أبعاد عربية أو غيرها في شخصيته، ومن الأدلة على طغيان هذه المصرية في ذاته أنّ قسماً كبيراً من رواياته يدور حول حارات القاهرة أو الحارات المصرية بوجه عام، وما لم يدر حول هذه الحارات دار قسم كبير منه حول شؤون مصرية أخرى، ومن حق هذه الشخصية الموغلة في مصريتها أن توغل أيضاً في حب كل ما يتصل بمصر أو يعبر عنها، وقد وجد هذا العاشق لمصر أنّ الأصوات التي ترتفع في هذه الحارات: "سلامة حجازي" و"محمد عبدالمطلب" و"منيرة المهدية" و"أبو العلا محمد" و"صالح عبدالحي" و"أم كلثوم" و"محمد عبدالوهاب".. لم يسمع سواها، لم يعل صوت آخر عليها، لم يصل صوت آخر إلى هذه الحارات إلاّ الأصوات التي ذكر في حواره مع "رجاء النقاش"، فلما ذكر له "رجاء" اسمي "أسمهان" وشقيقها "فريد" بوغت، ولجأ على الفور إلى اللسان العف الكريم الذي عرف به، فقال إنهما صوتان جميلان، ولكنه لم يأنس إليهما!

.."أسمهان" و"فريد الأطرش" صوتان من بر الشام لا من بر مصر، شرب الصوتان من ينابيع بلاد الشام، ولم يشربا من مياه النيل، رغم اعتراف "أسمهان" و"فريد" بفضل مصر عليهما، ولكنهما -وهذا واضح- صوتان غير مصريين، وفي كل ما غنّى هذان الصوتان ما يؤكد ذلك، بدت مصريتها غير أكيدة، رغم حرصها على هذه المصرية، كان كل من "أسمهان" وشقيقها نزيلا لمصر، واستمرا كذلك، أو أن هذا ما يبدو من حكم "نجيب محفوظ"، لقد كانا من شوام مصر بالتعبير المتداول في مصر عن أبناء الجالية اللبنانية- السورية التي وفدت إلى مصر ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر، وساهمت في النهضة المصرية بشتى وجوهها.

ومع أن "نجيب محفوظ" لم يكن له أي موقف سلبي إزاء هذه الجالية الشامية، إلاّ أنها ومهما كان من إسهاماتها جالية أجنبية أو جالية غير مصرية!، وكان "نجيب محفوظ" ابن الحارة المصرية عقلاً، وذوقاً، وأحكاماً، تربى ونما فيها خلال ثورة 1919م، ولم يستسغ إلاّ ما استساغته، ولم يعترف إلاّ بما وبمن اعترفت به، ومن وحي هذا الموروث اللاواعي في الذات أطلق حكمه على صوت المطربين الشاميين!

الكازمي
24-02-2016, 03:33 AM
للناس فيما يعشقون مذاهب

يظل رأي يخص صاحبه مهما علا شأنه

ليل و طرب
26-02-2016, 04:09 PM
https://www.youtube.com/watch?v=VSi21qTrSQk