PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : زارع الورد .. موته المدوي كان فاصلة بين ألفيّتين



ليل و طرب
19-03-2016, 02:46 PM
زارع الورد .. طلال مداح

مسفر الغامدي


http://www11.0zz0.com/2016/03/19/14/264678105.jpg (https://www.0zz0.com)




الحياة قبل ١١ أغسطس من العام ٢٠٠٠، ليست كالحياة بعده .. الحياة قبل رحيل الفنان الكبير طلال مداح، ليست كالحياة التي أعقبت ذلك الرحيل المؤلم . كأنّ موته المدوي كان فاصلة بين ألفيّتين :

ألفيةٍ كانت تطوي أيامها الأخيرة، وأخرى ستفتتح سنواتها المؤلمة والمتسارعة بعد ذلك بأشهر قليلة. تسلل طلال إلى حياتنا وفي يده باقة من الورد. كانت الإذاعة السعودية يومها (1959) تحرّم الأغاني العاطفية.

قالوا له بكل وضوح وصرامة: إياك أن تغني عن حبيبتك ! بطبعه المتسامح، أخرج من جيبه وردة، ثم قال لهم بكل طيبة وتسامح : هل ترضيكم هذه ؟ هزوا رؤوسهم علامة الموافقة. احتضن عوده... عزف بأنامله الرقيقة، فكانت الأغنية : « صبح صباح الخير/ من غير ما يتكلم/ ولما غنى الطير/ ضحك لنا وسلم...».

وهل كان الورد سوى استعارته الأولى، تلك التي دس فيها حبيبته عن أعين الوشاة، لكي ينجو بها من مجتمع لا يرحم. الاستعارة هنا لم تكن جمالية خالصة، بل كانت ضرورة لترويض الجفاف، تلك المهمة التي ظل الراحل الكبير يمارسها لأكثر من أربعين سنة، وصولا لتلك القمة التي تعلو عن سطح البحر أكثر من ألفي متر (مسرح المفتاحة)... كأنما كان راية يومها، وكان علينا أن نشاهده بوضوح وهو يخفق عاليا، استعدادا لصعوده الأبديّ... «الله يرد خطاك»... هل كان يعلم... هل أنه رثى نفسه يومها ؟ أم هو حدس الفنان الذي جعله يختار من بين مئات الأغاني تلك الأغنية / الدعاء، والتي أطلق من خلالها تغريدته الأخيرة، ليسقط وهو لم يتمها بعد، قابضا على باقة الورد / باقة العود، في الصورة الأخيرة والوحيدة التي نجت من مجزرة الصور في تلك الليلة التي قرر فيها ( زارع الورد ) أن يصعد وإلى الأبد... ليلتها وقف الحراس على مخارج المسرح، يقبضون على الأفلام. ينتزعونها من الكاميرات، لكي لا يقبض على الموت متلبسا بقتل فنان .. يومها صنع طلال استعارته الأخيرة :

الأوكسجين قليل وقليل جدا، شحيح في بلاد لا زالت صورة الفنان فيها مسمومة، حتى مع طلال الذي لم يترك وردة، إلا وخبأ فيها حبيبةً... لم يترك أذنا إلا وزرع فيها أغنيةً...

ليل و طرب
20-03-2016, 12:28 AM
https://www.youtube.com/watch?v=bNmqR4p_3pQ

ثائر بين أضلعي
20-03-2016, 01:58 AM
مقال جميل جًدا

شكراً ليل.