PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : أوسكار شيندلر



HASAN
31-05-2017, 07:21 AM
https://www.yadvashem.org/yv/ar/righteous/images/schindler_s.jpg

''من ينقذ حياة شخص ينقذ حياة العالم بأثره''


ولد أوسكار شيندلر في 28 نيسان عام 1908 في بلدة زفيتاو بمورافيا، وكانت عائلته الكاثوليكية من الطبقة الوسطى تنتمي إلى طائفة الناطقين بالألمانية في إقليم السوديت. وكانت العائلة تخطط لابنها الشاب أوسكار الذي درس في مدرسة ثانوية ألمانية وتخصص بالهندسة، أن يتبع والده ليتولى إدارة مصنع المكائن الزراعية الذي كانت العائلة تملكه.

وكان بعض زملاء شيندلر في المدرسة وأولاد الجيران من اليهود، ولكنه لم يكوّن مع أي منهم علاقة صداقة حميمة أو دائمة. وقد انضم، شأنه شأن معظم شباب السوديت الناطقين بالألمانية، إلى "حزب السوديت الألماني" لمؤسسه كونراد هينلاين، ليصبح بعد ضم الألمان لإقليم السوديت في عام 1938 عضوا نظاميا في الحزب النازي.

وبعد فترة قصيرة من نشوب الحرب في أيلول سبتمبر سنة 1939، ظهر أوسكار البالغ عمره 31 سنة في مدينة كراكوف المحتلة. كانت البلدة القديمة للمدينة التي كان يسكنها نحو 60 ألف يهودي وكانت تضم مقر إدارة الاحتلال الألماني المسماة بـ"المحافظة العامة" ، بؤرة استقطاب للمقاولين الألمان الذين كانوا يأملون تحقيق الربح من فواجع البلد المحتل. وقد بدا أول الأمر أن شيندلر المتصف بالدهاء الفطري والضمير غير المرهف يزدهر في تلك الظروف، حيث استولى في أكتوبر 1939 على مصنع متهدم للأواني المزججة كان يعود لأحد اليهود. وكنتيجة لبعض المناورات البارعة التي لم تكن تخل من الخداع والمخاتلة والتي نفذها بنصيحة تجارية ذكية تلقاها من مدقق حسابات يهودي بولندي اسمه إساك شتيرن، بدأ يكدس الأموال والممتلكات، بحيث أصبحت المؤسسة التجارية الصغيرة في قرية زابلوتشي المجاورة لكراكوف والتي بدأت بإنتاج أواني المطبخ لحساب الجيش الألماني، تنمو بطفرات هائلة، وإلى درجة أنها بعد ثلاثة شهور فقط من العمل باتت تشغل نحو 250 عاملا بولنديا، من بينهم سبعة يهود. وفي نهاية سنة 1942 كانت تلك المؤسسة قد توسعت لتمتد على مساحة 45 ألف متر مربع تقريبا وتستخدم ما يقارب الـ800 عامل وعاملة، منهم 370 يهوديا من غيتو كراكوف الذي كان الألمان قد أنشئوه بعد دخولهم المدينة.

وكان شيندلر من محبي ملذات الحياة والمقامرة، فسرعان ما اعتمد نمط حياة إباحيا، وكان يسهر لياليه في الحفلات الماجنة، ويخالط كبار ضباط الإس إس ويغازل الحسناوات البولنديات، ولكنه كان يتميز عن سائر أثرياء الحرب بالإنسانية التي كان يعامل به عماله، ولا سيما اليهود منهم، وذلك رغم أنه لم يكن قد اعتمد أية عقائدية مناوئة للنظام النازي، غير أن تقززه واشمئزازه المتزايدين من الوحشية الحمقاء التي اعتمدها النازيون في اضطهاد اليهود العزّل أحدثا تحولا ملفتا في ذهنية ذلك الرجل الانتهازي المجرد من المبادئ. فقد بدأت الأهمية التي كان يعلقها على طموحه الأناني في ملء جيوبه بالنقود تقل تدريجيا ليحل محلها في المرتبة الأولى من طموحاته التوق العارم إلى إنقاذ أكبر عدد ممكن من اليهود من قبضة جلاديهم النازيين، إلى حد أنه في نهاية المطاف، ومن خلال ما بذله من جهود لإيصال عماله اليهود إلى نهاية الحرب بسلام، كان مستعدا لتبذير كل أمواله، بل والمخاطرة بحياته.

كانت الأداة الأكثر نجاعة التي استخدمها شيندلر في حملته الإنقاذية الذاتية التخطيط هي المركز المفضل الذي كان مصنعه يتمتع به باعتباره "عملا تجارية حيويا للمجهود الحربي" من قبل "إدارة التسليح الحربي في بولندا المحتلة"، وهو المركز الذي لم يؤهله للحصول على عقود مربحة مع الجيش فحسب، وإنما مكنه من الاعتماد على العمال اليهود الخاضعين للإس إس. وحين أصبح مستخدموه اليهود مهددين من الإس إس بالترحيل إلى آوشفيتس، استطاع استصدار الإعفاءات لهم، محتجا بأن توقفهم عن العمل عنده قد يسيء إلى مسعاه الرامي إلى زيادة الإنتاج الحيوي للمجهود الحربي. ولم يتردد شيندلر في تزوير الوثائق وإدراج الأطفال وربات البيوت والمحامين في قائمة الميكانيكيين المهرة وذوي الخبرة في الأعمال المعدنية، وكان إلى جانب ذلك يبذل كل مستطاع للتغطية على العمال غير المؤهلين ومن كانت قدرتهم على العمل قد تعطلت بصورة مؤقتة.

وقد تعرض شيندلر للاعتقال من قبل الغستابو غير مرة ليتم استجوابه حول ارتكابه مختلف التجاوزات وقيامه بتفضيل اليهود، ولكنه لم يكف عن أعماله. وفي سنة 1943 قام بدعوة من لجنة التوزيع التابعة لمنظمة الجوينت اليهودية الأمريكية برحلة محفوفة بأسوأ المخاطر إلى بودابست، حيث التقى بمندوبين اثنين عن يهود المجر. وقد أطلعهما على المأزق الكبير الذي يعيشه اليهود في بولندا وناقش معهما الطرق المتاحة لإنقاذهم. وفي مارس آذار من عام 1943 كان غيتو كراكوف في طور التصفية، حيث كان اليهود المتبقون فيه يتم نقلهم إلى معسكر بلاشوف للأعمال القسرية المجاور لكراكوف. وقد تمكن شيندلر من إقناع قائد المعسكر الكابتن آمون غوت المعروف بوحشيته والذي كان نديمه في الشراب، بالسماح له بإنشاء معسكر خاص بعماله اليهود في موقع مصنعه بقرية زابلوتشي، حيث استطاع الاحتفاظ باليهود في ظروف محتملة نسبيا، إذ عزز نظامهم الغذائي الذي لم يكن يكفي لضمان بقائهم بأغذية اشتراها في السوق السوداء بأمواله الخاصة. وقد تم إعلان مجمع المباني الذي تكون منها المصنع منطقة محظورا دخولها على حراس الإس إس الذين كانوا يشرفون على المعسكر الفرعي الذي أنشأه شيندلر.

وفي أواخر العام 1944 توجب إخلاء معسكر بلاشوف ومعسكراته الفرعية بسبب تقدم القوات الروسية، حيث تم إرسال معظم نزلاء المعسكر، وقد بلغ عددهم أكثر من 20 ألفا بين رجل وامرأة وطفل، إلى معسكرات الإبادة. وعند وصول الأوامر بإخلاء المعسكرات تمكن شيندلر، والذي كان قد راجع الدائرة المناسبة في القيادة العليا للجيش، من الحصول على تصريح بمواصلة الإنتاج في المصنع الذي كان هو وزوجته قد أنشآه في برونليتس بمسقط رأسهما إقليم السوديت. وكان من المقرر انتقال جميع العمال العاملين في زابلوتشي، والذين كانت لائحة أسمائهم قد تم تضخيمها احتيالا بشكل كبير، من معسكر بلاشوف إلى موقع المصنع الجديد، ولكنهم بدل أن يؤتى بهم إلى برونليتس، تم توجيههم، وعددهم 800 رجل منهم 700 يهودي و300 امرأة مدرجين جميعهم على قائمة شيندلر، إلى معسكري غروسروزن وآوشفيتس على التوالي.

وحين علم شيندلر بما حدث، تمكن بادئ ذي بدء من ضمان الإفراج عن الرجال من معسكر غروسروزن، ثم بعث بسكرتيره الشخصي الألماني إلى آوشفيتس للتفاوض حول إطلاق سراح النساء، فاستطاع الأخير الإفراج عن النساء من خلال وعد قطعه بدفع 7 ماركات ألمانية لليوم الواحد للغستابو عن كل واحدة من المفرج عنهن، علما بأنها الحالة الوحيدة في تأريخ معسكر الإبادة المذكور التي سمح فيها لمجموعة من الأشخاص بهذا الحجم بمغادرة المعسكر أحياء في وقت كانت فيه غرف الغاز لا تزال عاملة.

ومن بين الأعمال الأكثر إنسانية التي قام بها شيندلر وزوجته ما أنجزاه بالنسبة لـ120 سجينا يهوديا في معسكر غوليشوف، أحد معسكرات مجمّع آوشفيتس. كان أولئك الرجال يعملون هناك في محجر تابع لشركة "مصانع التربة والحجر الألمانية" والتي كانت تعمل تحت إشراف الإس إس. ومع اقتراب الجبهة الروسية إلى موقع المصانع في يناير كانون الثاني 1945، تم إجلاؤهم من معسكر غوليشوف بعربات القطار المسدودة بإحكام والمعدة لنقل المواشي بلا ماء ولا طعام. وبعد رحلة مرهقة استمرت سبعة أيام في عز الشتاء، أوقف حراس الإس إس العربتين المقفلتين بمحتواهما البشري في مشارف برونليتس. وصادف تواجد إميلي شيندلر في المكان فأفلحت في ثني قائد المعسكر المنتسب إلى الإس إس عن إعادة القطار إلى حيث أتى. أما شيندلر نفسه، والذي هرع إلى المعسكر من مهمة حاول من خلالها الحصول على بعض الأغذية، فكاد يفشل في إقناع القائد بأنه في أمسّ الحاجة للعمال المحشورين خلف أبواب عربتي القطار.

وحين فتحت أبواب العربتين اكتشف بداخلهما ما لا يقل عن 13 جثة متجمدة. وقد واجه شيندلر قائد المعسكر الذي كان ينوي حرق الجثث في أحد أفران المصنع سيرا على التقاليد النازية المعروفة، فرتب جنازة يهودية تقليدية ليتم دفن اليهود في قطعة أرض مجاورة للمقبرة الكاثوليكية، اشتراها خصيصا لهذا الغرض. أما الـ107 شخصا المتبقون، والذين كانوا يعانون من لسعات الصقيع والهزال المروع، فقد احتاجوا إلى علاج طبي وتغذية خاصة ليعودوا أحياء. وقد رتب شيندلر وزوجته عدم عودة هؤلاء إلى العمل. وفي الأيام الأخيرة من الحرب، وقبيل دخول الجيش السوفييتي إلى مورافيا، تمكن شيندلر من التسلل إلى ألمانيا، وإلى منطقة كان الحلفاء قد استولوا عليها. وبعد أن كان شيندلر من أكبر أثرياء الحرب أصبح الآن معدوما، فقدمت له الجمعيات الخيرية اليهودية ومجموعات الناجين من الهولوكوست دعما متواضعا خلال السنين التالية، وساعدته على الهجرة إلى أمريكا الجنوبية، والتي تبين لاحقا أنها كانت غير ناجحة. وعندما قام شيندلر بزيارة إسرائيل عام 1961، وكانت الأولى من بين سبع عشرة زيارة، استقبله 220 ناجيا متحمسا بحفاوة كبرى، وأصبح فيما بعد يقضي أوقاته بين إسرائيل وألمانيا. وبعد وفاته في مدينة هيلدسهايم الألمانية في أكتوبر تشرين الأول 1974، أستجلب الذين أنقذهم من الهولوكوست رفات منقذهم النبيل إلى إسرائيل حيث شيعوه إلى مثواه الأخير في مقبرة البروتستانت في أورشليم القدس.

وفي 18\7\1967 قررت مؤسسة ياد فاشيم الاعتراف بأوسكار شيندلر نصيرا من أنصار الشعب اليهودي. وفي 24\6\1993 قررت المؤسسة إعادة تأكيد قرارها الأول ومد اعترافها إلى زوجة شيندلر، السيدة إميلي شيندلر.


فلم Schindler's List
http://photo.elcinema.com.s3.amazonaw s.com/uploads/_310x310_88138572349ff44f552e9 dc99de454b995f0f185edab0007b7e d1025ff3fedd7.jpg


فيلم أمريكي أنتج عام 1993

حصل على 8.9 من 10

حاز الفيلم على سبع جوائز أوسكار من أصل اثني عشر ترشيحاً، احتل المرتبة التاسعة ضمن قائمة المعهد السينمائي الأمريكي لأفضل مائة فيلم على مر العصور واحتل المرتبة السابعة لتقييم إنترنت موفي داتابيز لأفضل 250 فلم على مر التاريخ.

قائمة شندلر (1993) واحد من أهم أفلام المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج Steven Spielberg. الفيلم يأخذ شكل الفيلم الوثائقي، فهو يدور عن قصة حقيقية كتبها توماس كينلي بنفس اسم الفيلم. قائمة شندلر كرواية حصلت على جائزة البوكر، وهي عن شخصية حقيقية هي أوسكار شندلر وهو صناعي ألماني مسيحي كاثوليكي، وهو إنسان غير مكترث بالسياسة، ورجل أعمال انتهازي متمركز حول ذاته مهتم بجمع المال وإنفاقه والشرب والنساء.

في بداية الحرب ذهب إلى بولندا كي يُحقق الربح ويُمتع نفسه، رغبة في استغلال الحرب لتحقيق مكاسب مادية تعوضه عن حالة الإفلاس التي مني بها بسبب الكساد الاقتصادي الكبير. لذا يذهب إلى (الجيتو) الذي حُشر فيه اليهود، ليعرض عليهم شراكة استثمارية، يقومون من خلالها بتمويل وإدارة مصنع للأواني، تحت إشراف المحاسب إسحاق ستيرن. وهناك يعقد صفقة مع النازيين يتم بمقتضاها تزويده ببعض العمال اليهود من المعسكر لتشغيل مصنعه الذي ينتج أواني معدنية تساعد ألمانيا في جهودها العسكرية.

ومع أن شندلر نفعي ومادي، وبرغم مبدأه الانتهازي، إلا أنه بمرور الوقت، وبعد مشاهدته للأهوال التي يمارسها أفراد الجيش الألماني ضد اليهود الأسرى في المعسكرات، تهزمه إنسانيته تدريجيا ويبدأ في التعاون مع اليهود ويُضحي بثروته من أجلهم إذ يقوم بتقديم الرشاوى لكبار الضباط النازيين كي يضمن بقاء اليهود الذين يعملون في مصنعه. ومن هنا تتحول الصفقة المادية المبرمة بين شندلر والنازيين إلى آلية لإنقاذ 1200 يهودي بولندي، الذين يظهرون على قائمة شندلر.

أبدع ليام نيسون Liam Neeson في دور " أوسكار شندلر" وقد تم ترشيحه لأوسكار أفضل ممثل رئيسي عن دوره في هذا الفيلم. أما رالف ناثانييل فاينس Ralph Nathaniel Fiennes الذي قام بدور الضابط النازى آمون غُوث مدير معسكر "بلاسوف"، أحد معسكرات الإبادة في بولندا، فقد تم ترشيحه لجائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد عن هذا الفيلم. بالمقابل فقد فاز بعدة جوائز عن هذا الفيلم منها جائزة NYFCC لأفضل ممثل مساعد، جوائز NSFC, DFWFCA وCFCA لأفضل ممثل مساعد، جائزة ALFS لممثل السنة البريطاني، بالإضافة لجائزة البافتا (جائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام). أما بن كينغسلي Ben Kingsley في دور اليهودي إسحاق ستيرن، فتم ترشيحه لجائزة البافتا عن هذا الدور.

عرض الفيلم في البداية على رومان بولانسكى ليقوم بإخراجه لكنه رفض الفيلم لأسباب شخصية كونه أحد الناجين من المحرقة. وإعتبر أن الفيلم يعيد له ذكريات لا يرغب في تذكرها. الطريف أن بولانسكى أخرج فيما بعد فيلم "عازف البيانو The Pianist" الذي يتحدث عن معاناة عازف يهودى أثناء الحرب في بولندا. رفض إخراجه أيضا مارتن سكورسيزي Martin Scorsese، ليخرجه ستيفن سبيلبرج Steven Spielberg.

إن تقسيم العالم يعتمد في حقيقته على جغرافية الحضارة والهوية لا على الحدود التقليدية بين الدول. لذا فإن تعاطف وحماس ستيفن سبيلبرج اليهودي الديانة كان عاملا قويا ومساعدا، وعليه فإن صناعته لفيلم قائمة شندلر تكريما وتخليدا لذكرى أوسكار شيندلر، يعد أمرا طبيعيا ومقبولا، خاصة إذا تذكرنا الجهود والتضحيات التي بذلها شندلر، وهو المسيحي الديانة، من أجل إنقاذ اليهود.

عالم اليهود وعالم الأغيار

كانت الأداة الأكثر نجاحا التي استخدمها شندلر في حملته الإنقاذية الذاتية التخطيط هي المركز المميز الذي كان مصنعه يتمتع به باعتباره "عملا تجارية حيويا للمجهود الحربي"من قبل "إدارة التسليح الحربي في بولندا"، وهو المركز الذي لم يؤهله للحصول على عقود مربحة مع الجيش فحسب، وإنما مكنه من الاعتماد على العمال اليهود المعتقلين في المعسكرات. وحين أصبح مستخدموه اليهود مهددين بالترحيل إلى أوشفيتز، استطاع استصدار إعفاءات لهم، محتجا بأن توقفهم عن العمل عنده قد يسيء إلى مسعاه الرامي إلى زيادة الإنتاج الحيوي للمجهود الحربي. ولم يتردد شندلر في تزوير الوثائق وإدراج الأطفال وربات البيوت والمحامين في قائمة الميكانيكيين المهرة وذوي الخبرة في الأعمال المعدنية. وكان إلى جانب ذلك يبذل كل جهد مستطاع للتغطية على العمال غير المؤهلين ومن كانت قدرتهم على العمل قد تعطلت بصورة مؤقتة.

"أنا لا أعرف لماذا فعلت ذلك؟ لقد كرهت وحشية وسادية وجنون النازية. أنا فقط لم أتمكن من الوقوف بموقف المتفرج وأرى الناس تقتل. فعلت ما بوسعي، ما كان علي القيام به، ما قال لي ضميري أنه يجب القيام به. هذا كل ما في الأمر حقا، لا أكثر ولا أقل".

تقول إميلى شندلر زوجة أوسكار في مذكراتها التي بعنوان "حيث يلتقي الضوء والظلال Where Light and Shadow Meet": "وعلى الرغم من عيوبه، كان أوسكار ذو قلب كبير، وكان دائما على استعداد لمساعدة كل من كان في حاجة للمساعدة، وكان اجتماعي، سخي للغاية وكثير الأعمال الخيرية، ولكن في الوقت نفسه، غير ناضج على الإطلاق".

ويحكي أحد الناجين، أنه سأل شندلر ذات مرة، لماذا فعل هذا؟ فكانت إجابته: "لقد كنت نازيًا، ولكنني آمنت أن الألمان أخطأوا حينما بدأوا في قتل الأبرياء. وكونهم يهود لم يهم على الإطلاق بالنسبة لي، فبالنسبة لي كانوا مجرد بشر لذا قررت أنني سأعمل من أجلهم وسأدخر أكبر قدر ممكن من المال". وأعتقد أن أوسكار كان يقول الحقيقة، لأن هذه هي الطريقة التي عمل بها.

بكى شندلر وهو يتذكر كيف أنه لم يفكر في بيع سيارته ليستغل قيمتها في إنقاذ (إنسان) واحد إضافي. شندلر لم يكن عظيما لمجرد أنه أنقذ يهودا فقط، بل لأنه أنقذ (الإنسان) من براثن الحرب. وتفاعله مع الجرائم التي ارتكبتها السلطة النازية ضد اليهود لم تنشأ لأنه يبدي ميلا وتعاطفا مع اليهود، بل لأنهم بشر وقع عليهم ظلم وبطش من الألمان. وحتى لو كان هؤلاء البشر من ديانة أخرى، لو كانوا مسلمين أو بوذيين أو هندوس، فإن الأمر لن يختلف مع أوسكار شندلر، فتعاطفه سيبقى هو ذاته لن يتغير، لأن الأمر إنساني مبدأ وغاية، وليس مرتبطا بهوية وديانة.

فيلم قائمة شندلر يخبرنا أن الأمر أكبر من مجرد رد جميل وتكريم، أوسع من قضية شخصية مرتبطة برجل واحد، فالروح الإنسانية، بمعناها الأكمل والأسمى، ظهرت بجلاء في ثنايا الفيلم. إذن فهدف سبيلبرج من هذا الفيلم إنساني أولا وأخيرا. وقد كرّم شندلر لأنه أنقذ الإنسان. كان من حظ أي واحد منهم أن يكون أحد هؤلاء العمال، حيث يعيش في ظل حماية أوسكار شندلر وعطفه ويدخل في لائحته الناجية من الموت (وكأن البشر أرقاما ووحدات ليست ذات قيمة في ذاتها، تُدرَج في قوائم)!

هناك بُعْد آخر أعمق في قائمة شندلر، وأساسي في الفيلم، وهو أن النازيين لم يكونوا يقتلون اليهود كُرها لهم أو حقدا عليهم، وإنما لأنهم كانوا غير نافعين. ولذا لم يكن يُباد النافع منهم، أي كل من يمكن توظيفه أو تسخيره في خدمة الاقتصاد الألماني. كان هناك من النازيين من يُكِّن كراهية خاصة لليهود، ولكن القيمة الكبرى والمهمة لم تكن الكراهية وإنما المنفعة، وأدرك شندلر هذا وتحرك في إطاره وتمكن من إنقاذ مجموعة من اليهود من أفران الغاز عن طريق توضيح نفعهم. ولعل أهم اللحظات في الفيلم من هذا المنظور اللحظة التي يقوم أحد الحراس النازيين فيها بتصنيف بعض الأطفال اليهود المرحَّلين إلى مصنع شندلر باعتبار أنهم لا نفع لهم، فهم مجرد أطفال لا يمكن أن يعملوا في المصنع، ولكن شندلر يُبيِّن لهم، في لهجة غاضبة، أن أيدي الأطفال الصغيرة ضرورية لأنها هي وحدها القادرة على الوصول إلى داخل بعض الأواني التي تخصَّص مصنع شندلر في صنعها. المسألة كلها مسألة نفعية عملية.

وقد حاز الفيلم على سبع جوائز أوسكار، من أصل اثني عشر ترشيحا، واحتل المرتبة التاسعة ضمن قائمة المعهد السينمائي الأمريكي لأفضل مائة فيلم على مر العصور، واحتل المرتبة السابعة في تقييم موقع IMDB لأفضل 250 فيلم على مر التاريخ.

ولا ننسى الإشادة بموسيقى الفيلم شديدة التناسق مع القصة والشخصيات والأحداث، في تناغم جميل، من تأليف العبقري جون تاونر ويليامز John William، الفائز بخمس جوائز أوسكار، من أصل 45 ترشيحا، كما فاز بأربع جوائز جولدن جلوب، وسبع جوائز بافتا، وإحدى وعشرين جائزة جرامي. وقد تم تصوير الفيلم كله بالأبيض والأسود ، بدون أي ألوان، سوى مشهدين فقط.


بعض المشاهد للفلم من اليوتيوب

https://www.youtube.com/results?search_query=Schindler s+Liste

قبر اوسكار شيندلر

https://www.youtube.com/watch?v=wutcCIG3ts4

راجع راجع
31-05-2017, 07:35 AM
واضح انك معلم ممتاز .

موضوع جميل وممتع .

شكرا

SALEH
31-05-2017, 06:17 PM
مشهد توجه النساء لافران الغاز و بعدها اغتسالهم الجماعي مع موسيقى هيستيرية لا ينسى

HASAN
02-06-2017, 05:31 AM
مشهد توجه النساء لافران الغاز و بعدها اغتسالهم الجماعي مع موسيقى هيستيرية لا ينسى

هذا اكثر مشهد اثر فيني بصراحه وقعدت اتخيل المحرقه والافران اللي كانوا يرمون فيها وهم احياء ,,

اذكر مقولة نسيت من قائلها : يقول : الدين اما ان يعينك على الحياة او يكون ضد الحياة

الالمان كانوا يتعايشون بسلام وامان مع اليهود منذ مئات السنين .. حتى جاء هتلر واقنع الكنيسه وقتها بتشوية صورة اليهود وانهم لايستحقون العيش في المانيا وانهم يجب ابادتهم ابادة جماعية ,, فقامت الكنيسه بنشر فتاوى الكراهية ضد اليهود حتى اصبح الالمان يركلون اي يهودي يمشي في الشارع ..
وهذا السيناريو يعيدنا الى احداث القتل والتطهير لمسلمي اسبانيا على يد الاسبان بمباركة الكنيسه

HASAN
02-06-2017, 05:37 AM
https://www.youtube.com/watch?v=034nc9eqpiw

https://www.youtube.com/watch?v=XyIoUi5XQGs

SALEH
02-06-2017, 06:11 AM
هتلر كان يبحث عن كبش فداء للهروب من وضع الدولة المزري آنذاك
ومن أسهل ضحية سوى اليهود
الصورة النمطية لليهودي لم تتغير هو المرابي وهو الصائغ وهو الجزار على الرغم من تغلغل اليهود وقتها في المجتمع الأوروبي وإندماجهم النسبي ولا ننسى عضو البرلمان البريطاني دزرائيلي والكاتب الإجتماعي كارل ماركس والفيلسوف باروخ سبينوزا
مقارنة بالغجر والأتراك بالطبع أي مسلم قادم من الشرق يسمى تركي سواء من الأناضول أو البلقان

بالمختصر كان هتلر يبحث عن كبش فداء مثل أي حركة قومية ترمي فشلها على ناس تانين سكان عشوائيات او سكان سطوح وقس على ذلك