PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : وتحوَّلت النجوم الى شُهُبٍ مُحرِقة !



أبومجبور
18-02-2018, 03:47 PM
من صفحة فيس بوك
أحمد بامجبور

من الإرشيف ٩)
وتحولت النجوم إلى شهبٍ محرقة !
قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن !!

موضوع نقدي لبامجبور تم نشره في صفحة ( بعد التحية)مطلع الملحق الثقافي الأدبي الأسبوعي (الأربعاء) الذي تصدره كل أربعاء جريدة المدينة المنورة بجدة بعدده رقم ١٩١ مؤرخ ٧جمادي الأولى ١٤٠٧ه الموافق ٧ يناير ١٩٨٧م .


وتحولت النجوم الى شهبٍ محرقة !

أقول للأسف الشديد مع اعتقادي أن هذه الكلمة ( أسف ) أصبحت لاتطيقنا وملَّت من ملازمتها لنا وإستخدامنا المستمر لها وبدون أن نريحها، مع علمنا أنها أباحت نفسها لمن يحتاج لإستعمالها وقت الضرورة فقط ، ولكن حالنا الراهن يفسر أننا لن نتركها إلى الأبد لأن معظم أمورنا الحياتية التي نشاهدها اليوم ونسمعها ونقرؤها ونعيشها تدعو فعلاً للأسف .
الكل يتطلَّع إلى التطور ويصبو إلى مواكبة كل جديد والإستفادة مما تفرزه الأيام ولكن ما كل جديد مفيد ،فإذا ما أخذنا بالقاعدة التي تعتمد على ( معرفة الإيجابيات وتطويرها، وحصر السلبيات واجتنابها - إن لم يكن تصحيحها ) عندها حتماً سنستفيد الإستفادة القصوى من الحداثة والتجديد ونكون قد استغللناها الإستغلال الأمثل لما فيه خير ومستقبل شعوبنا وأمتنا، أمّا أن نسير فاقدي الوعي ومكفوفي الأنظار مؤيدين ومعجبين بدعاة التقدم أو من أظهرتهم الجرائد والمجلات وأفلام الفيديو وشاشات التلفزيون على أنهم أهل الإختراع والإكتشاف أو البراعة والمهارة أو عمالقة للكرة ونجوم للفن ، دون أن نمعن النظر فيما حولنا لنمتص رحيق الفائدة ونتلافى جوانب الضرر ، فهذا مايدعو للأسف ( المنهكة ) مراراً وتكراراً .
لنلاحظ كنموذج بسيط لوسائل الدعاية والإعلان، مع اقتناعي بالحاجة اليها وإمكانية الإستفادة منها إن كانت وفق الأطر - لا أقول المشروعة ولكن - الشريفة والأخلاقية والإنسانية النبيلة التي تتحلَّى بالصدق والأمانة والموضوعية المترفِّعة عن الهبوط، أمَّا أن نجعل من مبدأ الغاية تبرِّر الوسيلة نهجاً ومنوالاً فهذا ماترفضه الجماهير وهو الوجه السلبي للدِّعاية والذي يجب أن يتصدَّى له ويقيِّمُه ذوو الأقلام الشريفة والكلمات الجادَّة الصادقة ممن أرَّقتهم صيحات السموم الدَّخيلة، وتألَّفوا الثبات في وجه الأعاصير .

خذ مثلاً مايكل ومارادونا ومن على شاكلتهما من الغربيين أو من مشاهير التفنن العربي في النجوم المحترقة والذي ألِفوا الطريقة العصرية لجمع المال والمتاجرة بها حتى وإن كانت على حساب عواطف المعجبين من السُُّذَّج، وإلا فما معنى أن اكتظّت بصورهم المجلات وأشرطة الفيديو ( الدِّعائية ) فضلاً عن أنه لم يدَع خبراء ومحترفوا المهنة مضيقاً يعتقدون أنه سيوصلهم الى الهدف إلاَّ وسلكوه، ولو كان عبر خرم إبرة لفاجئُونا منه ، والمراد فهمه هل هذا إعجابٌ حقيقي بأولئك النجوم ؟ أم تمت موافقتهم على نشر صورهم للجماهير - بتلك الطُّرُق - بشكل عفوي وغير مقصود الربح، أو حباً منهم في الظهور المستمر لمعجبيهم كرمز لتحيتهم وإرتباطهم بهم ، أو لإضفاء ملامح السعادة والإبتهاج على وجوههم .
والقارئ العزيز ذو الوعي والفطنة سيُعلِّل ذالك ويتوصل إلى نتيجة سيوقف بعدها الإسراف والتبذير إن اكتشف نفسه مصدر تمويل لهذه الشركات وتلك الشخصيات التي منحتها الجماهير الشهرة والثقة، فتشبَّثت بالأولى وفرَّطت بالثانية .
وأعتقد أن الإعجاب الحقيقي بفنان مُعيَّن يرجع الى الإعجاب بحصيلة جهده ونتاج عمله الفني ولايكمن في ذات شخصه ، فمن الممكن إذا جاء وقت وأصبحت فيه أعمال المعني الفنية غير جيدة أو لا تتوافق مع مصالح المشاهدين ورغباتهم أن يتحول الإعجاب إلى العكس ويُمنح التفضيل لوجوه أخرى نالت الرِّضى والإستحسان.

والأمر المعقول والمنطقي أن نستحسن كلما هو جيِّد في الفنان ونأخذ به ، ولكن عندما يحيد عن مبادئ الفن وأصوله وأخلاقه وأهدافه يجب أن نتوقَّف متأمِّلين وأن لا ننجرف وراء رغباته ونزواته ليتلاعب بعواطِفِنا مُتاجراً ويرمينا في هاوية الإفلاس وخراب البيوت، بل نعمل على سحب ثقتنا منه لنمنحها من هو أجدر بها
، وهناك الكثير من الفنانين المبدعين الذين ابتعدَت عنهم عدسات الكاميرات - وأخفتهم عن الأعين - كونها لم تجد فيهم ضآلتها المنشودة .
أخي الكريم : إن كان هناك من عتاب أو إصلاح جِدِّي مِن قِبلِنا لهذه الظواهر فلنوجهه الى أنفسنا كمستهلكين ونطبق مفاهيم ترشيد الإستهلاك ولانندفع وراء الصُّور الجذَّابة والعبارات المغرية، ولانقدم على شراء ما نريد من إحتياجاتنا الضرورية والكمالية إلاَّ بعد أن نتأكد من صلاحيته وأن ثمنه يتوافق مع قيمته الفعلية وبحسب الإنتفاع منه ، فإحجام المستهلك عن الشراء هو أول تعبير عن رفضه لهذه الأساليب الرخيصة ليقول لمتوهمي الذكاء ؛ كفى تلاعباً بأمزجة المراهقين وضحِكاً على ذقون الكبار.

( أبومجبور )