بسم الله الرحمن الرحيم
منذ سنوات وبلادنا - حرسها - الله في حرب لاهوادة فيها مع هذه الفئة التي تكفر وتفجر وتقتل وتدمر بغير برهان من الله ومن خلال متابعتي لمايطرح من تحليلات لأسباب وجود هذا الفكر بين أبنائنا
وجدتها تركز على الخارج ماعدا شرذمة قليلة وجهت سهامها لدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب سواء من المثقفين والصحفيين أو بعض الإسلاميين ورد عليهم أهل العلم وبينوا براءة هذه الدعوة من فكر الخوارج
والذين تكلموا عن السبب الخارجي تجد غالبهم اتجهوا شرقا نحو أفغانستان ولاشك أن هذا كان له دور كبير فيما حصل لكن هذا جاء في المرحلة النهائية قبل بداية العمليات داخل البلاد
والمرحلة الأهم والأخطر هي ماسبق ذلك من تربية أبنائنا على أفكار وكتب ومناهج وفدت علينا لكن من جهة الغرب لاأقول الغرب الكافر بل الغرب المسلم القريب من أرض الكنانة حيت نشأت دعوة الإخوان المسلمين ومنها انتشرت في الأرض وهي وإن كان لها جوانب حسنة فالله لم يخلق شرا محضا إلا أنها جرت على المسلمين البلايا
وهذا والله ليس تحيزا ضد الجماعة أو أفرادها لكن هذه الحقيقة التي يجب الإعتراف بها فما حلت هذه الجماعة في بلد إلا سببت المشاكل والفتن والتحزب والفرقة والتنافس على السلطة تحت شعار الدين
وشواهد ذلك كثيرة فمن أحداث الإخوان مع عبد الناصر ومن بعده إلى فترة قريبة إلى أحداث حماة سوريا ثم ماجرى بين أمراء الحرب في أفغانستان بعد خروج المحتل الروسي إلى الجزائر التي مازال جرحها يثعب دما وأخيرا في أطهر البقاع على الأرض بلاد الحرمين - حرسها الله من كل سوء وقطع دابر المفسدين - وفي كل واد بنو سعد
وقد كان أثر الجماعة كبيرا على شبابنا وبطرق شتى ساهمت بشكل كبير في الإنخراط أو التعاطف معها بحسن نية أو بدونها
وزهدت شبابنا في الدعوة الإصلاحية السلفية التي قامت عليها البلاد فانصرف أكثر الشباب عن أئمة الدعوة والسنة وعن كتبهم وفتاواهم وتلقوا العلم عن الأصاغر كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فكان من نتيجة ذلك مارأيناه خلال الفترة الماضية
وأبرز طرق تغلغل هذه الجماعة في مجتمعنا طريقان:
الأول :
بعض الوافدين للعمل في قطاعات التعليم من جماعة الإخوان الذين خرجوا من بلادهم بعد ضرب حكومات بلادهم لهم فبدلا من أن يحمدوا لبلادنا ماقدمت لهم من المأوى والوظيفة الخ
أخذوا يعملون ضدها بأساليب غير مباشرة فأصبحوا يربون شباب بلاد التوحيد على منهج الجماعة القائم على مواجهة السلطات واستخلاص الحكم من بين أيدي الحكام لإقامة شرع الله - زعموا -ولم يظهر في ذلك الوقت شئ حتى إذا كبر الصغير فأصبح قياديا محاضرا في جامعة أو مدرسا أو مشرفا على محضن تربوي ظهر الخلل واضحا جليا فحصلت المخالفة من هؤلاء المتأثرين بفكر الجماعة لعلماء الدعوة السلفية وأئمتها في مواقف عدة وقضايا مصيرية كادت تعصف باليلاد لولا حفظ الله سبحانه وتعالى
وما أزمة الخليج عام 1411هـ عنا ببعيد ومالجنة الحقوق الشرعية التي أنشأها المسعري والفقيه ومن معهم وأيدت بقوة من قبل المتأثرين بفكر الإخوان عنا بخفي
وغير ذلك كثير - هدى الله الجميع للسنة وردهم إليها ردا جميلا -
الطريق الثاني:
الكتب وما أدراك مالكتب؟
فقد قامت سوق كتب جماعة الإخوان عندنا منذ زمن بعيد فراجت ووزعت على الكبير والصغير في الجامعات والمدارس والدروس الخاصة وغيرها
وأنا ممن ناله شئ منها أثناء دراستي المتوسطة فقد أهدي إلي كتاب معالم في الطريق ولكن من رحمة الله أني لم أقرأه إلا بعد معرفتي بالخلل الموجود لدى صاحبه وهو كتاب ينضح تكفيرا كما سترون بعد قليل
ومعلوم مافي هذه الكتب من مخالفات عقدية ومنهجية وخلل عظيم في فهم الإسلام أصوله وفروعه
ولعلي أنقل للقارئ الكريم من كتب الجماعة بالنص الحرفي معزوا لموضعه بالجزء والصفحة
وسيلحظ القارئ أن أكثرها منقول عن الكاتب سيد قطب باعتبار أنه أبرز منظري الجماعة في هذه الجوانب بل إنه إمام هذا الشأن ويستحق أن يلقب بحق أنه مجدد مذهب الخوارج في العصر الحديث
حتى إن بعض الإخوان المسلمين شهد عليه بذلك
وهوالدّكتور يوسف القرضاوي في كتابه ( أولويات الحركة الإسلامية ) ص 110
حيث يقول:
( في هذه المرحلة ظهرت كتب الأستاذ سيّد قطب التي تمثّل المرحلة الأخيرة من تفكيره ، والتي تنضح بتكفير المجتمع , وتعجيل الدّعوة إلى النّظام الإسلامي بفكرة تجديد الفقه وتطويره، وإحياء الاجتهاد, وتدعوا إلى العُزلة الشعورية عن المجتمع , وقطع العلاقة مع الآخرين, وإعلان الجهاد الهجوميّ على النّاس كافّة ...)
انتهى كلام القرضاوي
وإليك البرهان :
يقول سيد قطب في ظلال القرآن :
وهناك الشرك الواضح الظاهر وهو الدينونة لغير الله في شأن من شوؤن الحياة الدنيوية، في شرع يتحاكم إليه ؛ وهو نص في الشرك لا يجادل عليه ، والدينونة في تقليد من التقاليد ؛كاتخاذ أعياد ومواسم يشرعها الناس لم يشرعها الله، والدينونة في زي من الأزياء تخالف ما أمر الله به من الستر ؛ ويكشف أو يحدد العورات التي نصت شريعة الله أن تستر
(الظلال ص2033 ط: الثالثة عشر1407 ، الجزء الرابع
ويقول كذلك مقررا في ظلاله:
أن من أطاع بشرًا في قانون ولو في جزئيّة صغيرة فإنما هو مشرك وإن كان في الأصل مسلما ثم فعلها فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك .
(مجلد3/ج8 ص1198)
أليس هذا تكفيرا بما لم يكفر به الشرع ؟!
ألا يدخل في هذا العصاة المرتكبون للكبائر بل والصغائر ؟
ألا يدخل فيه المبتدعة الذين يحيون المولد النبوي؟!
وقال في (مجلد2/ج7/ص1057) :"البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن فى مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابًا يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد" اهـ بحروفه.
وتجده يقول :
في ( الظّلال ) المجلّد الثاني ص 1057قال : ( لقد استدار الزّمان كهيئته يوم جاء هذا الدّين إلى البشرية ، وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزّل هذا القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويوم جاءها الإسلام مبنيا على قاعدته الكبرى : شهادة أن لا إله إلا الله
وقال سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق" صفحة (101): "يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة، لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين
بالعبودية لله وحده في نظام حياتها..".
وقال سيد قطب: "إنه ليست على وجه الأرض دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي"، وذلك في كتابه "في ظلال القرآن"، الجزء الرابع صفحة (2122) طبعة دار الشروق.
وهناك مواضع أخرى يقرر فيها انقطاع وجود الإسلام من على وجه الأرض دون استثناء وأنه لم يبق إلا هو ومن يؤمن بفكرته
ولايقولن قائل :
إنه لايقصد بالجاهلية الكفر المخرج من الملة
فقد صرح بمراده من ذلك حيث
قال في " المعالم " صفحة 98 : ( ما هو المجتمع الجاهلي ؟ ـ ثم عرّفه ـ قائلاً : إن المجتمع الجاهليّ هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم
ثم قال في الصفحة نفسها :
وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا

ثم ذكر صورا من صور المجتمع الجاهليّ , ثم قال صفحة101 : ( وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي ـ يعني الّذي هو سوى المجتمع المسلم ـ تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنّها مسلمة
أليس هذا تكفيرا بالعموم على طريقة الخوارج؟!!!
وكذا تأييده للثورات التي مرت بالأمة منذ القدم
كالذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه
قال في كتابه العدالة الإجتماعية
صفحة 212: ( وأخيرا ثارت الثائرة على عثمان , واختلط فيها الحقّ بالباطل والخير بالشرّ , ولكن لابدّ لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام , ويستشعر الأمور بروح الإسلام ؛ أن يقرّر أنّ تلك الثّورة في عمومها ـ أي الثورة الّتي أدّت إلى مقتل عثمان رضوان الله عليه ـ كانت فورة من روح الإسلام , وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهوديّ ابن سبأ عليه لعنة الله ) .
ثم النتيجة الحتمية لهذاالتنظيرو التكفير هي سفك الدماء والإغتيال والتفجير
وهذه الأمور وإن كانت سرية لاتظهر للناس إلا أنك تجد ذلك واضحا بارزا في ممارسات الجماعة منذ نشأتها
وتجده كذلك مدونا في كتبها
وأكتفي بثلاثة نقول تفوح منها رائحة الدماء والبارود:
قال سيد قطب:( وهذه المهمة مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام غير منحصر في قطر دون قطر. بل مما يريده الإسلام ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة، هذه غايته العليا ومقصده الأسمى، الذي يطمح إليه ببصره، إلا أنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها) الظلال (3/145)
يقول سيد قطب في كتابه لماذا أعدموني ص 35:
فلم يكن في أيدينا م وسائل رد الإعتداء التي يبيحها لنا ديننا إلا القتال والقتل
-ثم يقول -:
وهذه الأعمال هي الرد فور وقوع اعتقالات لأعضاء التنظيم بإزالة رؤوس في مقدمتها رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ومدير مكتب المشير ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربي ، ثم نسف لبعض المنشآت التى تشل حركة مواصلات القاهرة لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها وفي خارجها كمحطة الكهرباء والكباري ، وقد استبعدت فيما بعد نسف الكباري
وتجد تفصيلا أكثر لذلك في كتاب التاريخ السري لجماعة ا
إلإخوان المسلمين لعلي عشماوي آخر قادة التنظيم السري للجماعة
وهذا كاتب آخر يستبيح دماء المسلمين ممن يأخذون الضرائب من الناس
وهو من قيادات الإخوان المسلمين الدكتور عبدالله عزام
حيث يقول في كتابه/ حكم العمل في جماعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص45 ناقلا عن أحد الكتب مقرا لقوله حيث لم يتعقبه بشئ:
(وكذلك قلنا في أصحاب الضرائب والمكوس التي يأخذونها من أمتعة الناس أن دمائهم مباحة وواجب على المسلمين قتلهم ولكل واحد من الناس أن يقتل من قدر عليه منهم من غير إنذار منه ولا التقدم إليه بالقول)
وقد اقتنيت هذا الكتاب قريبا من إحدى مكتباتنا !!!
وبعد هذا كله :
فإن ما يحصل اليوم من تفجير وتدمير وقتل إنما هو نتاج طبعي لهذا الفكر وامتداد منطقي له وتطبيق لمبادئ مفكري الجماعة على أرض الواقع وأكثر الجماعات الإسلامية المسلحة والتي اتخذت العنف سبيلا للتغيير إن لم أقل كلها خرجت من رحم جماعتهم الأم - جماعة الإخوان المسلمين - شاؤا أم أبوا
وهذا أحد قادة أكبر التنظيمات وأكثرها أثرا في السنوات المتـأخرة الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بل الرجل الفاعل والعقل المدبر الدكتور أيمن الظواهري يعترف بالإرتباط بفكر سيد قطب حيث يقول
في صحيفة الشرق الأوسط، عدد 8407- في 19/9/1422هـ:
إن سيد قطب هو اللذي وضع دستور "الجهاديين !!" في كتابه الديناميت: معالم في الطريق، وأن سيد هو مصدر الإحياء الأصولي، وأن كتابه العدالة الاجتماعية في الإسلام، يعد أهم إنتاج عقلي وفكري للتيارات الأصولية، وأن فكره كان شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوماً بعد يوم".
وبعد هذا كله لازال بعض الدعاة الذين تربوا على أيدي منظري الجماعة يشيدون بها ومفكريها وخصوصا سيد قطب!!!
يقول أحدهم عندما سئل عن سيد قطب :
والذي أدين الله به أن الأستاذ سيد قطب من أئمة الهدى والدين ومن دعاة الإصلاح ومن رواد الفكر الإسلامي سخر فكره وقلمه في الدفاع عن الإسلام وشرح معانيه ورد شبهات أعدائه وتقرير عقائده وأحكامه على وجه قل أن يباريه أو يجاريه في هذا الزمان
ويوصي في أشرطته ولقاءاته بقراءة كتبه وغيره ممن يسيرون على خطه
والآخر يقول كما في رسالته للدكتوراه:
إنه من علماء أهل السنة والجماعة بل من فقهاء الدعوة المعاصرين !!!
وفي مكان آخر يحشره مع أئمة الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب
ثم لانريد من شبابنا بعد هذا الإطراء والغلو أن يقتدوا بسيدهم وجماعته ويجعلونهم أئمة يسار على طريقهم
إن هذا والله لمن الغش للأمة وشبابها ويستحق فاعله الدخول في قوله صلى الله عليه وسلم :
من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة
وإذا كان من دل على خير كفاعله فمن دل على شر فهو كفاعله
هدى الله الجميع للسنة وجمع الكلمة على الحق ورد كيد الكائدين
وحسبنا الله ونعم الوكيل



محمد بن راشد بن ناصر الحبشان

المعهد العلمي بالشفا / الرياض