ماذا لو ....؟

يقال في الأثر: " لو تفتح عمل الشيطان " و باعتقادي أن هذا النص يتنافى مع نصوص قرآنية ثابتة أستخدمت فيها "لو" على سبيل النقاش و عرض البراهين؛ " قل لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا" "ولو أنهم آمنوا واتقو لفتحنا عليهم ...." . كما أن بعض النصوص النبوية تعارضها و الواردة عن بعض الصحابة كالخليفة عمر عندما قال وهو على فراش الموت: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت فأخذت من فائض أموال الأغنياء و وزعته على الفقراء " وهذا أمر من أمور الحكم و له صلة بالدين.
إذاً حتى من المنطلق الديني فإن استخدام " لو " يساعد كثيراً في مقارنة الأفكار وتحليلها و مايتوقع من نتائج تحدث عنها حتى يتسنى للعقل أن يعيد النظر و الحكم على بعض أفكاره التي يعتقد بصحتها دون غيرها.


ماذا لو أنّ مسيلمة انتصر على جيوش دولة الخلافة (أبو بكر)؟

لا شك أن للقوة العسكرية نصيب الأسد من أسباب ثبات أركان الدولة في العصر القديم. بعد ثبات الدولة بالقوة العسكرية وتمكّن رؤوسها من رقاب الناس يُكثف نشر تيار فكري أو عقدي واحد وسائد حتى يتم التأثير على الأجيال القادمة و مسح أي معتقد مخالف لمعتقد الدولة الجديدة حتى تتوالى الأجيال و يصبح المعتقد الوليد بالأمس هو الأصل و الصحيح و ما سواه باطل.

انتصر أبو بكر على مسيلمة فكتب الاسلام التاريخ و سفّه مسيلمة و قال على لسانه مالا يمكن أن يقوله أتفه العرب في هذا العصر فضلاً عن عصر عملقة البيان. ربما لو كان انتصر مسيلمة و اجتاح المدينة و باقي الحجاز لكنا الآن نصلي و نسلّم عليه و نقول على لسان محمد كلام تافه لم يقله ونصدق كل الاخبار التاريخية الملفّقة عنه و نتعبد بما أتى من مسيلمة أيضاً ونصدق ثم نروي تلك المعاجز الاسطورية عنه. هي القوة و الانتصار و التاريخ يكتبه المنتصر.


ماذا لو أنّ علي ابن أبي طالب اجهز على جيش الشام و قبض على معاوية في صفين؟

ربما كنا الآن نتحدث عن معاوية و كأننا نتحدث عن أبي لؤلؤة المجوسي الذي قتل الخليفة الثاني و ربما وُصف بالنفاق أو محاولة بث الفتنة وتفرقة المسلمين. و رغم مافعله الخليفة معاوية من طمس لمآثر الإمام علي الا أن القوة العباسية المعاكسة في الاتجاه كان لها الأثر في وصول صورة علي إلينا هكذا، ربما لو استمرت دولة بني أمية مائة سنة أخرى لكنا نلحق اللعنة بعلي كلما ذكرناه. هي القوة والانتصار والتاريخ يكتبه المنتصر.

ماذا لو أن ثورة الحسين نجحت؟

ربما يتغير وجه العالم و وجه الإسلام، في نظامه السياسي و في تاريخه و تفسير قرآنه و أحاديثه صحيحها و ضعيفها. ربما كنا نقود الأمم

ماذا لو أن محمد ابن عبدالوهاب شافعي؟

كنا أكثر تفتح و أكثر مواكبة للعصر. ربما كانت المرأة أكثر قرباً لمستوى الإنسان، ربما كان نقد ابن تيمية اسهل من شرب الماء، ربما كنا أكثر حباً لغيرنا من المسلمين ربما كانت حياتنا أكثر بساطة.

ماذا لو أن جهيمان العتيبي نجح في لعبته المهدوية؟

بالتأكيد ستكون صورة الجزيرة أكثر سواداً و تخلفا، هي لم تنجح و كان لها هذا التأثير فكيف لو أنها نجحت؟!

ماذا لو أنك ولدت في غير بيئتك ؟

أنت تحمل اسماً لم يكن لك فيه رأي، وتحمل جنسية على نفس الطريقة، و دين و انتماءات ثقافية و ايمانيات تشربتها من بيئتك دون أي رأي لك فيها. هناك غيرك ممن ولدوا في بيئة مختلفة عنك و لديهم اسماؤهم و جنسياتهم و معتقداتهم و أديانهم و ثقافاتهم وووو. بعضنا قد يموت من أجل معتقده و هو لا يعلم أنه كان قد يموت لأجل محاربة هذا المعتقد لو تغير ظرف تاريخي بسيط. هل تستحق العقائد أن تفني حياتك من أجلها؟

" أنا غير مستعد لأن أموت من أجل معتقداتي، فلربما كنت على خطأ " برتراند راسل.