هل رأيتم أحداً يوماً يقدّس قانون نيوتن للجاذبية؟ أو نظرية فيثاغورس للمثلث قائم الزاوية؟ أو قانون حفظ المادة للافوازييه .... ؟

وفي نفس الوقت هل رأيتم احداً يستهزئ بها أو يكذبها أو يحاول إثبات عدم صحتها ؟

عند اطلاقه لنظرية "التطور" عقد عالم التاريخ الطبيعي الشهير تشارلز دارون مؤتمراً لاسقبال جميع الأسئلة و الاعتراضات حول نظريته الشهيرة. وبكل ثقة لم يقل هذا كلام لا نقاش فيه بل افرد البراهين و الأدلة و قَبِل أن يُشكَك في صحة نظريته التي أمضى عقوداً في كتابتها والبحث فيها و دراستها ..

إنّ القدسية التي توهب للأفكار نابعة من هشاشتها و عدم القدرة على اثباتها أو الدفاع عنها، لم نسمع يوماً من الأيام تحريم الحديث حول قوانين نيوتن الثلاثة ولا نسبية اينشتاين ولا قوانين فرداي ولا اوم ولا امبير ...الخ .. باستطاعة أي انسان أن يأتي و يقول قانون الجاذبية غير صحيح (وقد حدث بالفعل) ولن تثور العواطف ولا تستفز القلوب ولا تدمع العيون ولا يحرك أحدٌ ساكنا إلا بالضحك و ربما الشفقة، لن تصدر أوامر التحريم ولا قوانين الحجب و المنع لأن السبب وبكل بساطة أن قوة الأفكار في ذواتها و أدلتها و براهينها و ليس في سياج القدسية الذي يوضع عنوةً حولها .. ليست القوة في وهم القدسية الذي عودنا أنفسنا عليه، لو كانت جميع الأفكار مقدسة لما عرفنا الكذب من الصدق و لا الحقائق من الخرافات ..

أما المتوهمون بصحة الأفكار المقدسة فهم يؤمنون بصحتها لهيبة سياج القدسية الموضوع حولها وليس لقوتها، لا يستطيعون أن يفكروا حتى فيها، يشعرون بالخوف و الرهبة عندما يبدأون مجرد بداية في التفكير فيها.. وهذه غاية من منح هذه القدسيةَ شيءٌ من أفكاره ..

كن شجاعاً و فكّر في كل شيء فلا قدسية للفكرة ..