إن الهدف الاساسي من تشريع القوانين و الأنظمة هو كفالة الحقوق لجميع الناس بالتساوي، وإن أهم هذه الحقوق والذي يتشرك فيه جميع الناس هو العدل. فبتحقيق العدل يرفع الظلم وتنكف الأطماع و يسكن الناس و يحل الأمن و تزدهر المجتمعات و تُبنى الدول ثم تدوم، فلا يكون لأحدٍ من الناس نقمة على حكومة أو دولة ولا حاكم ثم لا يكون للناس نقمة على بعضهم البعض.
يقولون أنه مهما حصل من تحقيق للعدل و إرضاءٍ للرب فإن ارضاء بعض الأنفس البشرية لن يتحقق وذلك لأنها جُبلت على هذا النحو فمهما تحقق لها من العدالة فإنها تطمع بالمزيد ولو على حساب الآخرين, ولذلك يحصل ما يسمى بالخيانات و الإنقلابات على العهود والمواثيق وعلى الحكام العادلين مهما بلغت عدالتهم وتحدث لهم الإغتيالات أو الاعتقالات. ثم يستشهدون بما يرونه أمثلة في تاريخ أمتنا "المجيد" ! وأنا اقول: صحيح أن هناك من الناس من له طموحات و أغراض شخصية والتي يحاول أن يصل إليها على حساب القيم والأخلاق و حقوق الأخرين ولكني واثق تمام الثقة أن هؤلاء الناس "الوصوليون" لم يكونوا ليفعلوا شيئًا مما ذكرنا لولا أن وجدوا في نفوس العوام من الناس ما يساعدهم في تحقيق مآربهم، وجدوا هذا يشتكي من جور هذا الحاكم "الذي وصفوه بالعادل" و ذاك يشتكي من ظلم وزارته و ذلك من ظلم حواشيه و عائلته وأقرابه و ذاك و ذاك و ذاك.....الخ هؤلاء الناس لا يبحثون عن الحق لذات الحق و بسبله المشروعة إنهم يريدون أن يرفعوا الظلم الحاصل عليه و الحاط بحمله الثقيل على صدورهم. يتعاونو غير مفكرين ولاآبهين مع هذا الوصولي الذي يستغل هذه الفرصة ويوهم "المستضعفين" بأنه يحارب من أجل رفع الظلم عنهم وما يلبث حتى يخلق لهم ظلماً ممنهجاً و أشد و اقبح!
وفي كل مرةٍ من مرات التاريخ الكبير تُستغل نقطة "المستضعفين" للقضاء على الظلم القائم هذه كذبة كبيرة لازال يصدقها الإنسان الضعيف حتى اليوم. ولنا في تاريخنا الإسلامي أمثلة كثيرة بدأت منذ بزوغه واستمرت حلقة متواصلة حتى اليوم.
نكمل لاحقاً