توبة الدكتور غازي القصيبي
رسالة لمن أضاع الطريق
جميلة تلك الأبيات التي ترنم بها الشاعر الدكتور غازي القصيبي - وهو على فراش المرض- وقد قارب السبعين عاماً .. غازي القصيبي - سامحه الله - الذي ملأ الدنيا ضجيجاً بشعره الغزلي، وكتاباته الجريئة التي ساهمت بتحوِّل أفكارٍ ثُلة - لا يُستهان بعددها - نحو الانحراف الأخلاقي، وشجعت كثيراً من الشباب الذين يعيشون في البلد المحافظ على تسوّر جدران الفضيلة، ها هو بعد هذا العمر الطويل يعود تائباً نادماً على ما فَرَط منه في سالف أيامه، ويعلنها توبة صريحة إلى الله سبحانه طالباً منه العفو والمسامحة، متمنياً أنْ لو عاد إلى أوّل صباه، فعمَّر حياته بالعبادة وقراءة القرآن وملازمة الذكر
يقول غازي :
كلمات مؤثرة، وعلى قدرِ ما كانت القصيدة مؤثرة، إلا أن مما زادها أثراً ووقعاً في القلوب اعترافُ كاتبها بأنه كان تائهاً حتى استبانت له منارات الطريق الحق؛ وظهرت له شمس الحقيقة
إن هذه القصيدة رسالة إلى من أضاع عمره في اللهو والمجون والمحادة لله ورسوله، فإنه سيوقن إنْ تقدم عمره أنَّ سعيه لم يكن إلا إلى شتات
فإذا كانت هذه القصيدة من رجلٍ كغازي القصيبي؛ الذي اجتمعت له المكانة الاجتماعية؛ والثراءُ الفاحش، والمناصب السياسية الكبرى، فكيف بمن لم يحصل على أيٍّ من ذلك؛ وهو مع ذلك يهاجم الدين؛ ويحارب الأخلاق؛ ويدعو إلى الذوبان في المدنية الغربية واللحاق بركب اليهود والنصارى وغيرهم من أمم الكفر؟!
فما أجمل بالمرء أن يعتبر بما يقرأ ويسمع، وما أجمل به أنْ يتوب إلى الله سبحانه قبل حلول الأجل وفوات الفرصة وانقطاع زمن التوبة، فإنَّ التوبة تجبُّ ما قبلها
ولايغتـرّ المسرفُ على نفسه بحلم الله سبحانه، فإنَّ الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته
غفر الله لغازي؛ وتقبل توبته، وجعل عملَه عبرةً وعظةً لمن لم يزل يتخبط في متاهات الحيرة، لعله أنْ يراجع نفسه فيرتدع عن غيه .
* سالم العجمي