عجبي !!!
عندما يتكلم احدهم في الاسلام ويطعن في الرسول او الصحابة او العبادات او يتهكم في القرآن لاتسميه بالطائفي ولاتسميه تكفيري بل تجد له الف عذر وعذر وتحمل كلامه على محمل طيب
فعندما وصف ابيات الغرام الطواف حول الكعبة وتقبيل والحجر الاسود والسعي بين الصفا والمروة بأنها وثنيه بقوله
عجبك !!
هذا الرد يبين الحاجة الماسّة لشطب كل التعليقات الخارجة عن الموضوع ، وخاصة عندما تتعلق بأعضاء غائبين أو مبتعدين لأي سبب مثل أبيات الغرام أو الشيخ الرئيس هم أولى بالدفاع عن أنفسهم ..
ولكن الواضح أنك لا تعرف معنى مصطلح "طائفي" أو تكفيري" ومتى تستعمل بل تسمع بهما ، وإلا فكيف يقال عن أحد إنه "يفكك العقيدة الإسلامية" ذاتها و"يدخل العقول في دوامة التشكيك في الدين" و"يشكك في الأنبياء والمرسلين" أو "يستهزئ بالقرآن الكريم والشعائر الدينية " ثم يقال في نفس الوقت إنه طائفي وتكفيري ؟؟!! المفروض أن يقال إن هذا "ملحد" و"لاديني " .. لأن الطائفي لم يخرج من دائرة الدين الواسع ، ولكنه يحبس نفسه في دائرة أضيق ، فليست الطائفية مجرّد الإنتماء لطائفة أو مذهب ، لأن كل المسلمين تقريبا ينتمون إلى مذهب ما ، ولكن الطائفية هي التمييز والتفضيل والتحريض على بث مشاعر الكراهية للمخالفين وتجريمهم وانتقاص حقوقهم الدينية والسياسية ...
هذه كلمة عامة حتى لانخوض في تفصيلات خارج الموضوع وسبق التطرّق لها في موضوعاتها الأصلية ..
ولكن مادام الموضوع عن "أبي بكر وعمر" رضي الله عنهما فالعجيب هو الاعتراض على القول إن الصراع بين الصحابة كان صراعا سياسيا ، لأن ذلك معناه أنهم " لم يكونوا آبهين بخدمة الإسلام وإعلاء كلمته " !! فما أعجب هذا الفهم !
هل تريد أن نقول إن الصراع ديني بين الصحابة ؟؟!! ويدور على مسائل العقيدة والصفات أو الشعائر مثل الصلاة والصيام والحج ؟؟ وأن "الفتنة الكبرى" كانت مثل الحروب بين الفرق المسيحية على طبيعية المسيح ( طبيعة واحدة أو طبيعتين ) ؟؟ أو الخلاف بين الكنيسة الغربية والكنائس الشرقية ؟؟ أو الحروب بين الكاثوليك والأرثوذكس في القرون الوسطى ؟؟!!
الإمامة ( أو السياسة بالمصطلح المعاصر ) هي من الفروع في مذهب (أهل السنة) وليست من المعتقدات أو قضايا الإيمان مثل مذهب الشيعة الإمامية ، وكل الحروب والنزاعات بين الصحابة الأوائل كانت تدور حول هذا الموضوع ومن الأجدر بالسلطة ، ولوعوامل سياسية واقتصادية ، فهو إذن نزاع في (الفروع) يدور بين الصواب والخطأ في الموقف السياسي وليس حول (الإيمان) و(الكفر) ، فمن هو الذي يقدّر الصحابة حقا ؟؟! ومن الذي يعتنق فكر الخوارج أو الإسلام السياسي ؟؟!!
وهذا ما تنبّه له مؤرخو الإسلام القدامى ، يقول أبو الحسن الأشعري في كتاب مقالات الإسلاميين :"أوّل ما حدث من الاختلاف بين المسلمين بعد وفاة نبيّهم صلى الله عليه وآله اختلافهم في الإمامة "
ويقول الشهرستاني في كتاب الملل والنحل :" إنّ الاختلاف في الإمامة أعظم خلاف بين الأُمّة، إذ ما سلّ سيفٌ في الإسلام على قاعدةٍ دينيّةٍ مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان"
بل يقول الإمام عليّ عن حرب صفين وأهل الشام :" و كان بدء أمرنا أنّا التقينا و القوم من أهل الشّام ، و الظّاهر أنّ ربّنا واحد ، و نبيّنا واحد ، و دعوتنا فى الاسلام واحدة ، و لا نستزيدهم فى الإيمان باللّه والتّصديق برسوله و لا يستزيدوننا : الأمر واحد إلاّ ما اختلفنا فيه من دم عثمان ، و نحن منه براء فقلنا : تعالوا نداو مالا يدرك اليوم باطفاء النّائرة ، و تسكين العامّة ، حتّى يشتدّ الأمر و يستجمع فنقوى على وضع الحقّ مواضعه ، فقالوا : بل نداويه بالمكابرة فأبوا حتّى جنحت الحرب و ركدت ، و وقدت نيرانها و حمست . فلمّا ضرّستنا و إيّاهم ، و وضعت مخالبها فينا وفيهم أجابوا عند ذلك إلى الّذى دعوناهم إليه ، فأجبناهم إلى ما دعوا ، و سارعناهم إلى ما طلبوا ، حتّى استبانت عليهم الحجّة ، و انقطعت منهم المعذرة . فمن تمّ على ذلك منهم فهو الّذى أنقذه اللّه من الهلكة ، و من لجّ و تمادى فهو الرّاكس الّذى ران اللّه على قلبه ، وصارت دائرة السّوء على رأسه "