بين يدي مجموعة من الكتب والأبحاث في موضوع "المهدي المنتظر" ، وهي فكرة سياسية ترتبط دوما بالحركات الثورية المسلحة التي تخرج على السلطات القائمة لتقوّض أنظمة الظلم والاستبداد والأثرة وتأسيس مجتمع العدل والمساواة والكفاية ، وذلك عندما يخرج هذا "المهدي" ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما ..

وفكرة "المهدي" حالة نقيض لفكرة "الإمامة" ، فعندما يكون الإمام ظاهرا وموجودا في العلن وبين أنصاره فهو "الزعيم" و"القائد" وله الزعامة الدينية بمفهوم "الإمامة" والإرشاد والرعاية الروحية والحفاظ على الشريعة ، وبعد ذلك مرحلة الرئاسة السياسية عندما يتحقق له الانتصار العسكري، ويصبح اسمه حينئذ "أمير المؤمنين" بعد أن كان مجرّد "الإمام" وهو في المعارضة .. أي أن رتبة "الإمام" هي مرحلة تمهيد للقيادة السياسية ، أو هو رئيس حكومة في الظل حتى تنجح (الثورة) ويتقلد منصب الإمامة العظمى أو السلطة السياسية أو الحاكم الفعلي ذو السلطة والصلاحيات ..

ولكن عندما لايصل للسلطة فإنه يقف عند رتبة "الإمام" لا يتخطاها ، وإن كان في نظر أتباعه ومحازبيه هو القيادة الشرعية للأمة وهو الإمام إن قام وإن قعد ..

وعندما يتعرض "الإمام" للإغتيال أو يختفي في ظروف غامضة فهناك فريق من أتباعه لا يتقبل نفسيّا فكرة غيابه وموته أو استشهاده ، ويقول ويروّج القول إنه غاب مؤقتا وأن الملائكة أو الأسود والنمور تحرسه وتغذوه ، أو أنه اختفى في السحاب والبرق سوطه والرعد صوته ، وسوف يرجع في وقت لاحق ليهزم أعدائه ويقضي عليهم .. فهو "إمام" في حضوره في عالم الشهادة وبصحبه رفاقه وأنصاره ، ولكنه بعد أن يختفي يصبح"المهدي" المنتظر الذي يظهر في آخر الزمان ، ويقيم دولة العدل والمساواه ، ويحقق أحلام المستضعفين والمظلومين والفقراء والمهمشين ، ويقضي على دولة الطغاة والظالمين ..

وفكرة "المهدي" ذات بنية أسطورية وحافلة بالخوارق والمعجزات التي تتناقض مع قوانين العقل ومع صحيح الرواية، لأنها مرتبطة بأحلام الناس التي تتصادم غالبا مع موازين القوى الواقعية فلا تجد سبيلا لتحقيقها إلا الأساطير وكسر القانون الطبيعي والخروج على حتمياته وضروراته ..

وفي التاريخ الإسلامي قيل بإمامة الكثير وبالذات من أهل البيت والعلويين ثم قيل بمهدويتهم بعد اختفائهم المريب أو استشهادهم ، ومنهم محمد بن الحنفية وابنه أبو هاشم (عبدالله بن محمد) ، والنفس الزكية (محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن) ، وجعفر الصادق وموسى الكاظم ، ومحمد بن الحسن العسكري وهو الإمام الثاني عشر عند الإمامية الإثناعشرية المشكوك في وجوده .

فكل فريق أئمته ومهدويته وأساطيره المقدسة .. وإذا كانت أحاديث ما يسمى "المهدي" عند (أهل السنة) غير صحيحة و"الصحيح" منها حسب موازينهم غير صريح ، بالإضافة إلى طابع الوضع والتأليف العبّاسي والتوظيف السياسي الظاهر والمفضوح عليها ، فإن مهدي الشيعة ( محمد بن الحسن العسكري) هذا لاوجود له من الأصل ، وفرضية فلسفية قال بها الغلاة حتى لا تتهدم نظرية الإمامة بعد أن وصلت لطريق مسدود بوفاة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري بدون ولد ظاهر وتقسيم تركته بين أمه وأخيه جعفر ..

ولتفصيل كل تلك الموضوعات انظر الكتب التالية:

- " تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه " لأحمد الكاتب
- " دراسة علمية لأحاديث المهدي" لآية الله السيد أبو الفضل البرقعي القمّي
- " لا مهدي ينتظر بعد خير البشر " للشيخ عبدالله بن زيد آل محمود
- " مذاهب ابتدعتها السياسة في الإسلام " لعبدالواحد الأنصاري
- " "المهدية في الإسلام " لسعد محمد حسن
- " فكرة المخلص .. بحث في الفكر المهدوي " لمحمد الناصر صديقي