صحافية بريطانية تكشف عن أهم مقابلة مع “الحموي” قبل اغتياله بساعات
كشفت الصحافية البريطانية “إيفون ريدلي” عن ما سمتها المقابلة الأخيرة مع أمير حركة أحرار الشام الراحل “أبو عبدالله الحموي”، والتي سجلتها معه خلال مدة زمنية تقارب 4 ساعات، ولم يتسن لها نشرها حينها.
وعلى صفحتها الرسمية نوهت “ريدلي” بالمقابلة” التي نشرت نصها جريدة “ميدل إيست مونيوتور” وتعرض فيها “الحموي” لقضايا كثيرة تخص الشأن السوري، ومن أهمها تنظيم “الدولة” الذي وصفه بأنه صنيعة الحرس الثوري الإيراني”.
وقالت “ريدلي” إنها أجرت اللقاء قبل ساعات من انفجار “رام حمدان” الذي قضى فيه نحو 50 من قيادات الحركة، وعلى رأسهم “الحموي”، واصفة تصريحات الأخير خلال المقابلة بـ”الصريحة جدا”.
اتفاق وحدة
قدمت “ريدلي” لحوارها بالقول: “كان الشيخ حسان عبود كعادته متفائلا خلال حواراتنا، وحتى في أحلك الظروف خلال حربه ضد جيش النظام، ويحاول في الوقت نفسه صد هجمات خلفية يشنها تنظيم الدولة، وكان يعترف خلال حوارتنا أنه من الصعب إحداث تقدم في ظل الاقتتال الداخلي فيما بين الفصائل. ولكن الصعود السريع لـلتنظيم فاجأ الجميع”.
وتابعت: “في آخر حديث لي معه كان أكثر من متفائل، حيث كشف لي عن اتفاق وحدة مبدئي توصلت إليه معظم مجموعات الثوار، ولم يبق إلا فصائل قليلة ترفض الدخول في هذا الكيان الموحد، وكان تنظيم “الدولة” واحدا منهم”.
وأشارت “ريدلي” إلى قول “الحموي”: “هذه المرة سيكون الأمر مختلفا، بحسب عبود، فالتغيير قادم”، قائلة إن “الحموي أخبرها بقرب الإعلان عن تحالف يوحد معظم قوى الثورة، ولكنه لم يتم تحديد اسم التحالف بعد، متوقعا أن تكون عبارة “المجلس الأعلى” ضمن اسم التحالف، وعندما علقت ريدلي بقولها إنه اسم يوحي بكونه إيرانيا، اكتفى ال”حموي” بابتسامة ساخرة.
وحول كيفية التوصل إلى اتفاق التوحد بعد عدة محاولات فاشلة، رد “الحموي” بأنه جاء بطريق التنازل والتوافق: “ركزنا على ما يوحدنا وتقبلنا الفروق بيننا، وأدركنا أننا لا نستطيع تغيير مبادئ وأولويات بعضنا البعض.. بتركيزنا على الأهداف الرئيسة لكل مجموعة استطعنا أن نتوحد”.
وشدد “الحموي” على التوحد، قائلا: “نحتاج إلى التوحد وان تكون لنا الأهداف ذاتها.. الفشل في تحقيق ذلك يعني عدم إمكانية إسقاط النظام.. هذه هي الرسالة الحقيقية، للجهاد وليس ما يروج له تنظيم الدولة”.
سيقتلونك
وبخصوص موقفه “الائتلاف الوطني”، قال “الحموي”: ما نزال غير معتمدين وغير واثقين بالائتلاف؛ لأنه يدار من عدد من الدول التي لها أهدافها الخاصة، والتي لا تخدم مصالح الشعب السوري”.
وتقطع “ريدلي” سردها لوقائع الحوار، لتكشف أنها عرضت على تنظيم “الدولة” أن يأخذها كرهينة مكنا إحدى الرهائن الغربيين الذين يحتجزهم التنظيم، وتضيف: اتصل بي “الحموي” ليثنيني عن الخطوة، وقال: “سيقتلونك دون شك، وسيهملون أي سياق إسلامي لهذا العرض، وإن سافرت إلى مناطقهم سنفعل كل ما بوسعنا لنمنعك من ذلك، حتى لو اضطررنا لخطفك بأنفسنا”. وتعقب “كان جادا جدا في ذلك”.
وسبق لـ”ريدلي ” أن أعلنت اعتناقها الإسلام عام 2003، بعد أن أطلقتها حركة “طالبان”، حيث كانت “ريدلي” من بين أنشط الإعلاميين البريطانيين في تغطية الأحداث في أفغانستان.
وكثفت “ريدلي” اتهامات “الحموي” لتنظيم “الدولة” بعدة نقاط، هي: ليس تنظيما إسلاميا، يدعمه نظام الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر، يدربه قائد الحرس الجمهوري الإيراني، يستخدم الإسلام غطاء أشبه بحصان طروادة، مصدر فكرته وتمويله من مؤيدي الأسد.
وعقبت: لو جاءت هذه الأحكام من شخص آخر لرفضتها بوصفها نوعا من المبالغة في الحرب، التي تستخدم فيها الكلمات مثل الأسلحة لإلحاق أكبر ضرر ممكن، ولكنني في الأشهر التي تعرفت فيها على “الحموي” لم يبد لي أنه شخص يبالغ في التوصيف أو الدعاية المضللة.
وفي معرض توضيحه للاتهامات، قال “الحموي” إن النظام استهدف كل مجموعات الثوار، ولكن التنظيم على ما يبدو لم يدخل في أي معركة مع النظام، ولم يكن مستهدفا.
وتابع: “مثلا، لو كان هناك 3 سيارات تسير في الريف ستضربها طائرات الأسد؛ لاعتقادها أنها تشكل قافلة، فهل لك أن تخبريني إن كان التنظيم تحت المجهر فكيف كان يمكنه استخدام قافلة تضم 200 سيارة من محافظة إلى أخرى ثم إلى العراق، دون تعرضها لهجوم واحد أو مقاومة على حواجز النظام؟!”.
وذكّر “الحموي” محاورته بعدد من التصرفات التي قام بها التنظيم لخدمة النظام، ومن بينها الاعتداء على الكتائب الثورية وسرقة جهودها، وقتل قياديين من الحركات الأخرى، مستدلا بحادثة قتل قيادي “أحرار الشام” الطبيب “أبو ريان”.
وخلص “الحموي” للتساؤل: “من المستفيد من التنظيم؟، الأسد لم يشغل قواته بهم أبدا، والتنظيم لم يحارب على الخطوط الأمامية ضد قوات النظام أبدا”.
وحول نجاح التنظيم في السيطرة على مساحات شاسعة من العراق دون كثير مقاومة، رد “الحموي”: “أظن أن كل هذا كان من تخطيط وإنجاز قاسم سليماني، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، فهو الوحيد الذي كان بإمكانه تحقيق كل هذا. فلم يكن بإمكانه إيقاف الثورة في سوريا، ولكن عندما وصل تنظيم “الدولة” توقف كل شيء، وكان ظهور التنظيم نقطة تحول”.
وأصر “الحموي” على أن “سليماني” هو الوحيد القادر على مثل خوض هذه المغامرة العسكرية، وقال إن هذا ممكن أن يفسر كيف هزمت قوات المالكي دون مقاومة عندما هاجمت التنظيم العراق، وأخذ يحتل مساحات شاسعة منه بسرعة لم تستطع الولايات المتحدة، المحتل السابق للعراق، تخيلها.
لوم على بعض دول الخليج
واعتبر الحموي أن بعض اللوم في ظهور التنظيم يقع على دول الخليج، موضحا أن هناك اعتقادا بوجود تمويل أولي للتنظيم من الإمارات العربية المتحدة.
وتابع عبود “قبل أن يسيطر التنظيم على حقول النفط والغاز، كان ينفق أموالا طائلة في سوق السلاح، وكانوا يدفعون كل ما يطلب ثمنا لذلك السلاح، ولم يحاولوا حتى التفاوض على السعر.. كانت لديهم أموالا طائلة”.
وتعقب “ريدلي”: كنت أتطلع إلى سماع المزيد من الآراء، ولكن للأسف م يكتب للشيخ حسان عبود أن يرى تحالف المعارضة يبصر النور، فبعد حوارنا الأخير بساعات قتل مع عشرات القادة من تنظيمه في تفجير مقر للاجتماعات في إدلب بتاريخ 9 أيلول/ سبتمبر.
ومع إن هناك الكثير من نظريات المؤامرة حول آلية التفجير، إلا أن الأكيد هو أن التوقيت كان من أسوأ للمعارضة، حيث كان “الحموي” على أعتاب التوصل إلى صيغة اتفاق بين مختلف مجموعات الثوار، كان من الممكن أن تغير مجرى الحرب.
وتضيف الصحافية البريطانية: “لست متأكدة أن عبود كان سينضم إلى التحالف الأميركي؛ لأنه كان ينتقد بشدة ما أسماه “كيل الغرب بمكيالين”. وكان هدفه النهائي إقامة الحكم الإسلامي في سوريا، وهذا لا يصطدم فقط بالغرب الديمقراطي، بل أيضا بزعامات الأنظمة في المنطقة”.
- See more at:
http://slnnews.co/archives/7847#stha....oqcCG0ZG.dpuf