تركيا بوست

رغم توتّر العلاقات بين تركيا والإمارات منذ أكثر من عامين، إلا أنه بدأت تلوح ملامح توافق قريب، وذلك بعد التصريحات التي أدلى بها وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية والتي دعمتها أيضا تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول عودة العلاقات بين تركيا والإمارات لمسارها الطبيعي وتجاوز نقاط الخلاف بينهما.

كيف بدأ الخلاف؟
تصاعد الخلاف التركي الإماراتي بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في يوليو 2013 ضد الرئيس المصري المنتخَب محمد مرسي، حيث رفضت تركيا الانقلاب العسكري والأحداث التي تلته، بينما اختلف الموقف الإماراتي الذي كان داعما للانقلاب وما حصل بعده من أحداث في مصر، وبدأ التوتر التركي الإماراتي باتهامات متبادلة بين البلدين حول رفض تركيا للأحداث في مصر، واتّهام الإمارات لها بالتدخل في الشأن المصري.

ومع تصعيد وسائل الإعلام الإماراتية للاتهامات ضد الحزب الحاكم في تركيا ووصف الرئيس التركي بالديكتاتورية، واتهامات من وسائل الإعلام التركية للإمارات بالتخطيط لضرب السفارة التركية في ليبيا، ثم اتهامات إماراتية لتركيا بدعم داعش، الاتهام الذي نفته تركيا بقوة، كان التوتر بين البلدين أوشك على تجاوز التوتر الإعلامي ليصل إلى المستويات الدبلوماسية والسياسية.

لكن التحوّل الذي من المؤمّل أن يحدث ويزيل حواجز التوتّر بين البلدين، هو ما حدث بعد التصريحات التي صدرت مؤخّرا من الرئيس التركي بشأن العلاقات مع الإمارات، والتي قابلتها تصريحات وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي

ووزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، الدكتور أنور قرقاش بشأن إزالة الخلاف مع تركيا وتجاوزه.

بداية انفراج الأزمة
وكانت البداية بتصريحات أردوغان، التي دعا فيها إلى إزالة أسباب التباعد في أسرع وقت ممكن. وكان أردوغان أشار في مقابلة مع قناة “الجزيرة” إلى أن علاقة بلاده كانت قوية جدا مع الإمارات، قائلا “بصفتي رئيسا لتركيا أقول إنه لا بد من إزالة أسباب التباعد في أسرع وقت ممكن”، ولفت أردوغان إلى عدم وجود خلافات بين البلدين، باستثناء الموقف من الانقلاب العسكري في مصر، لافتا إلى أن الموقف من الانقلاب هو الذي أدى إلى الخلاف مع الإمارات، وأضاف: “يجب حل ذلك بالطرق الدبلوماسية، وليس بالحديث ضد بعضنا البعض”.

وتلا تصريحات أردوغان، رد إيجابي من الإمارات حين أبدى الوزير الإماراتي أنور قرقاش استعداد بلاده لتحسين العلاقات مع تركيا، وقال في تغريدات عبر حسابه على “تويتر”: “الخلاف التركي الإماراتي حول التطورات المصرية آن الأوان لتجاوزه، المنطقة لا تتحمل مثل هذه الخلافات. مصر من مفاتيح الاستقرار، وشعبها قرّر مساره”.

وشدّد قرقاش على أن الإمارات ترحّب بالإشارات الإيجابية من الرئيس أردوغان حول علاقات تركيا بدولة الإمارات، مشدّدا على ضرورة إنهاء الخلاف التركي الإماراتي حول التطورات المصرية.

وتابع الوزير الإماراتي تدويناته قائلا “الإشارات الإيجابية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول علاقات بلاده مع دولة الإمارات مرحّب بها، ومن الضروري البناء عليها”، مشيرا إلى أن العلاقات الطيبة والإيجابية مع أنقرة هي ما ننشده، والأساس احترام الشأن العربي من خلال مبدأي السيادة وعدم التدخل، اللذين يجب أن يحكما تصرفاتنا.

كيف أثّر الخلاف على اقتصاد البلدين
وكان للتوتر السياسي بين البلدين تأثيراته الملحوظة على العلاقات الاقتصادية التركية الإماراتية، وذلك وفقا للبيانات الرسمية للبلدين.

وهو ما تؤكّده بيانات معهد الإحصاءات التركي التي تقول إن هناك انخفاضا في العلاقات التجارية بين تركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة بعد عام 2013.

وأنه في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015، بلغت قيمة الواردات التركية من دولة الإمارات العربية المتحدة نحو 647 مليون دولار أمريكي، بينما سجّلت الواردات خلال نفس الفترة من عام 2014 و 2013 حوالي 812 مليون دولار و2.2 مليار دولار على التوالي.

وعن الصادرات بين البلدين، تظهر بيانات عام 2015 زيادة طفيفة، بحوالي 2.159 مليار بين يناير/كانون الثاني و أبريل/نيسان، مقارنة بــ 1.883 مليار في نفس الفترة من عام 2014، فإن الصادرات السنوية من تركيا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة انخفضت بشكل عام دون مستوى ما كان بين 2013 و 2014، في حين بلغ إجمالي الصادرات في عام 2013 حوالي 4,965 مليار، وتراجع هذا الرقم محقّقا 4,655 مليار في عام 2014.

ويقول محلّلون إنه لاتوجد أي مشكلة مباشرة بين تركيا والإمارات، لأن الخلاف الحالي يبدو أكثر وضوحا في وسائل إعلام البلدين لكن تصريحات القادة والمسؤولين ليست بتلك الحدة، وتميل لإزالة الخلاف وأسباب التوتر وهو ما قد نشهده في المستقبل القريب.