أوباما ونهاية القرن الأميركي
ابتدع رئيس تحرير صحيفة "لايف" الأميركية هنري لوس عام 1941 مصطلح "القرن الأميركي" لإبراز رؤيته لأميركا بأن تصبح قوة عظمى خيرة، تستخدم نفوذها لإقامة نظام عالمي جديد على أساس الحرية الاقتصادية والسياسية.
وتبنى المؤرخون وعلماء السياسة أحيانا المصطلح لوصف فترة أميركا المعاصرة التي تبدأ من نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945.
كان القرن الأميركي كما تمنى هنري لوس -على العموم- فترة من السلام والثراء غير مسبوقين، وتم خلاله تفادي حرب عالمية ثالثة، وأصبحت فيه الحرية وحقوق الإنسان أعرافا عالمية، وذلك في الغالب بسبب القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة.
وكان أوج القرن الأميركي عندما انتهت الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي -أحد أكبر المجتمعات الشمولية القمعية في التاريخ- عام 1991، ويُشار إلى أن كتاب الأميركي فرانسيس فوكوياما "نهاية التاريخ" نُشر في العام التالي أي 1992، ليعلن أن الحرب التي استمرت قرونا بين الحرية والاستبداد وضعت أوزارها أخيرا بانتصار الحرية. وتمنى كثير من الناس في "العالم الحر" لو كان ذلك حقيقة.
أما عام 2015 فسيؤرخ لنهاية "القرن الأميركي" الذي لم يستمر إلا 70 عاما، إذ شهدت إدارة الرئيس باراك أوباما في العام الحالي تدهور وتراجع قوة أميركا ونفوذها في كل مكان، وشهدت صعود النُظم الشمولية والتسلطية على حساب الولايات المتحدة ومجمل "العالم الحر".
روسيا استولت على شبه جزيرة القرم وغزت أوكرانيا، رغم الضمانات بالحماية التي تعهد بها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون لـ"كييف"، مقابل التخلص من مئات الصواريخ النووية المنصوبة على أرضها.
أيضا انهماك روسيا في تطوير صواريخ نووية وبناء قوات تقليدية ضد حلف "الناتو" الذي أصبح مجرد ظل لذلك "الناتو" الذي كان أيام الحرب الباردة.
إن عودة روسيا إلى منطقة الشرق الأوسط وتحالفها مع سورية وإيران وإزاحة أميركا بضربات جوية في سورية، ربما تؤرخ بدقة ليوم وفاة "القرن الأميركي".
كما أن تحديث وتطوير الصواريخ النووية الصينية والكورية الشمالية، وانتصار إيران في المفاوضات النووية، وصعود الإرهاب بإنشاء أول دولة له في التاريخ، وتدفق المهاجرين المسلمين إلى أوروبا وأميركا، يُعد ذلك في مجمله أدلة كافية على "نهاية القرن الأميركي".
بيتر فينسنت براي 2015-10-15 12:45 AM