قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((
أحب الأعمال إلى الله .. الصلاة في وقتها))
وهذا الحديث مهم جدا لأنه يدل على أهمية الصلاة كعمل واجب على المسلم
وهو عبادة الله عز وجل بما فرضه عليه من صلاة معلومة الأوقات والأركان والواجبات والشروط
وهذا ما يستند إليه من أشرت إليهم في بداية كلامك
وقبل أذان الظهر بنصف ساعة على الأقل ينقطع العاملون جميعا تماما عن العمل، ويشرعون فى الوضوء وفرش الحصير فى الطرقات، استعدادا لأداء صلاة الجماعة
ولكن هم يتناسون أن الله عز وجل بيّن على لسان رسوله أوقات الصلوات وجعل فيها فُسحة للناس .. وصحيح أن أفضل الأجر أداء الصلاة في وقتها .. ولكن لا يعني هذا على الإجبار في كل حال .. بل على العكس .. وردت حالات كثيرة نهى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم عن صلاة الجماعة .. مثل من أكل بصلا أو ثوما فلا يذهب إلى المسجد لكي لا يؤذي الملائكة والمصلين .. ومثل من كان جائعا ((
إذا حضر العَشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعَشاء)) وفي رواية ((
إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه))
فإذا حضرت الأسباب التي تجعل الإنسان لا يخشع في صلاته فلا ينبغي عليه أن يصلي بل ذهب بعض العلماء إلى التشدد في القول بأنه حرام عليه أن يصلي
ولكن الغريب فعلا أن "بعضا" من هؤلاء تراهم يلتزمون بأوقات الصلاة ويطيلون اللحية ويأمرون الناس بالمعروف وينهون عن المنكر ولكن ..
تجد "بعضهم" يحتال على النظام بأن يحصل على ما ليس له بحق .. كأن يحصل على "خارج دوام" وهو لا يستحقه ولا حتى يحضره ويخرج مع بقية الموظفين
وبعضهم حتى لا يلتزم بدوامه الأساسي فضلا عن أن يلتزم بخارج الدوام ..
والآخرين تجدهم منذ الساعة الحادية عشرة يتوضأ .. ويصلي الضحى .. ثم يقرأ قليلا من القرآن .. ثم يصلي ركعتي السنة قبل الظهر .. ثم يصلي الظهر .. ثم يصلي ركعتي السنة بعد الظهر .. ثم يسبح .. كل هذا في وقت الدوام .. فتجده يعطّل العمل ساعة ونصف أو أكثر
والبعض الآخر يدّعي أنه يأتي بأبنائه من المدرسة .. ويخرج من بعد صلاة الظهر (وأحيانا قبله) ولا يعود إلى الدوام مرة أخرى
والبعض الآخر تجده يستولي على "قرطاسية" العمل لتجدها في بيته من أقلام وأوراق وما إلى ذلك
وهنالك النوع الأسوأ من يستغل المورّدين ليساعدهم على "ترسية المناقصات" لكي يحصل على بعض المنتجات من المورد ويحسبها "ذكاء" وهي في واقعها "سرقة" !
وهنا أنا مازلت أتحدث في نطاق العمل .. وهنالك من هم مستغلون خارجه ..
كمن يلقي الرشاوى ليحصل على ما لا يستحق من هذه الجهة الحكومية أو تلك .. سواء بطريق مباشر (مال) أو بطريق غير مباشر (كالهدايا وغيرها)
وهنالك من هم مِن أصحاب البنوك من يغلفون الربا بغلاف ديني ويدفعون الرواتب "للجنة الدينية" لكي تفتي بجواز الاقتراض الربوي المغلف بغلاف ديني !
وهنالك النوع الثالث الذي يسافر .. ويرفض رفضا تاما أن يأكل لحم الخنزير .. وتجده يسكر ويزني ويفعل (على قول أهل مكة: السبعة وذمتها) وتجده يرفض رفضا تاما أكل لحم الخنزير وهو أهون عند الله من الزنا وشرب الخمر !!
ونوع آخر يسافر .. ويتزوج (وهو ينوي الطلاق) لمدة معيّنة لشهر أو شهرين أو ثلاثة .. ثم يعود إلى بلاده ويرسل ورقة الطلاق إلى من تكون في الغالب لم تبلغ العشرين من عمرها .. وربما جعلها تحبل وترك ابنه يضيع في بلاد غريبة عنه !
والأكثر غرابة أن بعضهم يسافر ليزني ويشرب الخمر .. ثم تجده عندما يكون حاضر في بلاد التقوى يحارب قيادة المرأة ويصف من تطالب بالقيادة بأنها عاهرة وبأن أهلها لو وافقوها على ما تريد فهذا دلالة على الدياثة !!
أنواع عجيبة غريبة من البشر لا تدري كيف يفكرون .. ولا كيف يقتنعون داخل أنفسهم بأنهم على الحق؟؟؟؟
ألم يفهموا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((
من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة))
الحقيقة أنني لم أفهم يوما كيفية تفكيرهم وكيفية تبريرهم لأنفسهم ما يفعلون وأنا متأكد أنهم يعلمون أنهم يكذبون على أنفسهم !
هناك قصة شهيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قابل رجلا ناسكا منقطعا للعبادة ليل نهار.. فسأله:
ـ من ينفق عليك.؟.
قال الرجل:
ـ أخى يعمل وينفق علىّ..
عندئذ قال صلى الله عليه وسلم:
أخوك أعبد منك..
على الرغم من أن هذا الحديث ضعّفه البعض وحكم آخرون عليه بالوضع إلا أن هنالك شواهد أخرى صحيحة من السنة على نفس المبدأ ولذلك يستأنس الكثيرون به
فقد أرسل بعضا من الصحابة لبعض العمل فلما عادوا اشتكوا أحدهم إليه فقالوا: يا رسول الله كُنا إذا نزلنا صلّى وإذا سِرْنا قرأ .. فقال صلى الله عليه وسلم:
من كان يكفيه عَلَف بعيره؟ فقالوا: نحن .. فقال صلى الله عليه وسلم:
كلكم خير منه!
وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه من أشهر الأحاديث في هذا الباب قال ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال: فنزلنا منزلا في يوم حار وأكثرنا ظلا صاحب الكساء. ومنا من يتقي الشمس بيده. قال: فسقط الصوام ، وقام المفطرون .. فضربوا الأبنية .. وسقوا الركاب .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ذهب المفطرون اليوم بالأجر))
ورُوي عن عمر رضي الله عنه أنه قال" ((
يا معشر القراء خذوا طريق من كان قبلكم وارفعوا رؤوسكم، ولا تكونوا عيالاً على المسلمين))
على فكرة ..
يعتقد البعض أن غير المسلمين لا أخلاق لهم .. ولا ذمة لهم .. ولا عهد لهم .. وهذا خطأ
من غير المسلمين من يوفون بالعهد ومنهم من أخلاقهم حسنة
وقد وصف بعضهم الله عز وجل في كتابه الكريم فقال:
((
ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤدّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤدّه إليه إلا مادُمت عليه قائما))
وقال الله عز وجل:
((
ليسوا سواءً من أهل الكتاب أُمّة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين * وما يفعلوا من خير فلن يُكفروه والله عليمٌ بالمتقين))