الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الله كريم ياقلبي
أخي .. ولكن لماذا يجب على حماس مالايجب على حزب الله الارهابي ؟
لماذا على حماس أن تتعامل مع الاحتلال الاسرائيلي بمنظور الواقعية السياسية ومراعاة موازين القوى ؟؟ بينما على حزب الله أن يفرض الوصاية على الدولة اللبنانية والقرار العربي بحجة محاربة إسرائيل ومحوها من الخريطة !
والمشكلة برضه أن حزبكم هذا ينتمي وينتسب الى مشروع ثورة (الولي الفقيه) وهذا على حساب الانتماء الوطني اللبناني والعربي ، ولعلك تلاحظ ايضا ان عنوان الحزب لا يشير إلى لبنان أو فلسطين بل إلى الولي الفقيه النائب عن الله في الارض
طيب أو أليس هذا الانتماء الايدلوجي للحزب هو ايضا نوع من التعاطي السياسي بالمطلقات وليس بالنسبي أو كما تقول (خذ وطالب) وليس ( إما أو )؟
أو لم يتورط حزبكم "العميل المؤجّه" في حروب عبثية خارج القرار العربي عندما أقدم على مغامرة كارثية عام 2006 ودخل في حرب غير متكافئة أفضت الى قتل الالف من اللبنانيين وتدمير البنية التحتيه وتشريد الناس بين الملاجئ والجبال ..
هذا غير التحالفات الطائفية التي انضم لها الحزب تحت تأثير الانتماء المذهبي ولو كان ذلك يعني الخيانة والطعن في ظهر الامن القومي العربي لحساب دولة مذهبية إيرانية يقوم عليها معمم متخلف كهنوتي ...
لقد أن الاوآن يا أخي فتى مكة أن تتبرأ من هذا الهوى السياسي (الإيراني ) سيء الذكر الذي يعني الخيانة والعمالة ، وعلى حزبكم ايضا أن يعرف حجه الطبيعي ضمن حدود الدولة اللبنانية ومادامت إسرائيل فرضت عليكم قرار الاستسلام الاممي 1701 و مادامت تسيطر على الاجواء والموانئ والمنافذ الاقليمية ومدعومة من الغرب والناتو كما تقول ..
فإن مايجب على حماس والقوى الفلسطينية هو مايجب على حزبكم الالهي المقاول ! خصوصا في ظل الاختلال الخطير في موازين القوى كما تقول .. ستكون حروبكم خاسرة .. !
محاولة فاشلة للترقيع والتبرير .. ولا تزال التناقضات كما هي بدون حل !
ممكن أن أتفهم موقف (حسن) المتسق مع نفسه منطقيا رغم اختلافي معه .. ضد حزب الله ومع التطبيع ومع جماعة 14 آذار اللبنانية
أما أن أكون ضد المقاومة وضد التطبيع ومع " قطر "معا فهذه مراوغة وتناقض وكيل بمكيالين وتغليب للتوجه العقائدي ومصلحة التنظيم أو الفكر على حساب المصلحة الوطنية
كل عناصر تلك الأيديولوجيا حاضرة في المشهد وتلقي الضوء للتفسير والتحليل :الانتهازية والنفاق والإيهام بالقول (أي الخداع والكذب) ، ولعبة المصالح المشتركة مع "الطاغوت" أي التحالف مؤقتا مع الحكومات حتى أوان التمكين ثم الانقضاض عليهم بعد ذلك ، وعدم الاعتراف بالهوية والانتماء الوطني أو القومي ، والتمسك بأوهام الخلافة وأستاذية العالم ، وتكفير الحكام والشعوب بواسطة فكر (الحاكمية) والولاء والبراء .. باختصار ( الإرهاب والتكفير والخيانة الوطنية )
ولو تتبعنا مسيرة حركة حماس منذ ظهورها العلني في أواخر الثمانينات وحتى الآن سنرى أنها لم تكن في البداية جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية ولم تكن بعد ذلك وهي المنظمة التي تجمع كل الفصائل والمعترف بها دوليا وعربيا على أساس أنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني منذ مؤتمر الرباط بالمغرب عام 1974م .. وقيل إن إسرائيل ساعدت على ظهورهذا التنظيم (حماس) ولم تضع العوائق في طريقه حتى يشاغب على المقاومة الفلسطينية وقيادة ياسر عرفات الذي تبرم منها ووصفها ذات مرة بأنها مثل قبائل الزولو ( التي كانت تشاغب على قيادة نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا )
وبعد ذلك اتبعت أسلوب العمليات الانتحارية أو (الاستشهادية) كما يقولون والتي اختلف فيها الفقهاء لدوافع سياسية غالبا بين مؤيد ومعارض ، ثم بدأت بتصنيع الصواريخ المحلية وإطلاقها على الكيان الإسرائيلي رغم عدم جدواها عسكريا والانتقام الصهيوني الإجرامي من الفلسطينيين في قطاع غزة كل مرة ..
كان في قدرة (حماس) أن توفر على نفسها هذا المشوار الطويل من الكفاح المسلح الذي سبق أن خاضت فيه المقاومة الفلطسينية منذ 64م وتأسيس حركة فتح على يد عرفات ورفاقه وحتى الآن وهي تشاهد بعينها كيف انتهى هذا المسار وماجدواه الواقعية ؟ ولكن الأساطير المؤسسة للعقل السياسي (الحمساوي) كانت هي المسيطرة
وزاد الأمر سوءا تغلب الإنتماء (الإخواني) وهي التي تعرّف نفسها في بيانها التأسيسي بأنها جزء من حركة الإخوان المسلمين ، فبعد قيام ما سمي ب"الثورات العربية" ارتمت في أحضان الحلف التركي الإخواني وانقلبت على سوريا التي احتضنتها وآوتها بعد طرد قيادة حماس من الأردن وإغلاق المجال الجوي أمامها ، وأصبحت تدعم فصائل المعارضة المسلحة (الإخوانية) ضد الجيش السوري بالسلاح والخبرةوتقنيات الحرب وحفر الخنادق والأنفاق ، وترفع علم الانتداب الفرنسي الذي هو شعار العملاء في المؤتمرات .. عمل خسيس وغادر
ومع مصر طالتها الاتهامات باقتحام السجون أيام (الثورة) وبعد خلع مرسي شاركوا مع الفصائل الإرهابية في سيناء ي قتل الضباط والجنود والهجوم على المقرات الأمنية والحواجز ..
باختصار تحولت (حماس) بفضل انتمائها الإخواني من حركة مقاومة إلى حركة إرهابية غادرة وناكرة للجميل ..
أما المقارنة بين (حماس) و(حزب الله) فهي أكاذيب ومغالطات متعمدة ..
حزب الله تشكل في البداية من الجنوب اللبناني ومنطقة جبل عامل ، فهم أهل المنطقة الذين رفعوا السلاح لتحرير بلدهم ومناطقهم بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82م وفي ظروف الحرب الأهلية وغياب سلطة الدولة وانقسام الجيش اللبناني إلى طوائف ، وهم ثانيا مكوّن لبناني رئيسي عانى من التهميش والحرمان طويلا قبل أن يرتفع رصيده ويعلو نجمه بانتصار المقاومة المؤزر ودحر الإحتلال عام 2000م هاربا بليل وتاركا عملاءه لمصيرهم ..
فليس عيبا الانتماء (الشيعي) لهذا الحزب إلا عند المتخلفين والذين يقرؤون المشهد السياسي والصراعات السياسية والاقتصادية بلغة طائفية مبتذلة ويتصورون أن الجميع على نفس وعيهم السياسي الساذج ، رغم أن السياسة هي التي تستعمل التحشيد الطائفي والمذهبي والعنصري وتستعمل هؤلاء أدوات لبلوغ أغراضها ومصالحها الدنيوية ، علاوة على ان تركيبة لبنان قائمة على توازن الطوائف ، فكل الأحزاب السياسية هي تعبير عن طوائف معينة ( حزب الله أمل للشيعة .. الكتائب والقوات اللبنانية للمارون .. حزب المردة لسليمان فرنجية لمسيحيي الشمال .. المرابطون والناصريون سنة .. وبعد ذلك جماعة الحريري وداعش سنة وهاابية .. ) وليس عجيبا أن يكون مرجعهم (الديني) هو الولي الفقيه وليس البطريرك الماروني ..
وشيء آخر أن معظم او جميع القوى السياسية اللبنانية مرتبطة او متحالفة مع قوى أقليمية أو دولية ، ولذلك كل الصراعات اللبنانية هي تعبير أو انعكاس لصراعات المحاور في المنطقة منذ الخمسينات أيام الثورة على كميل شمعون ( 58م) وحتى الوقت الحاضر وانعكاس الصراع او التنافس ( الإيراني السعودي) على المنطقة فلا جديد في ذلك .. ولكن التاريخ يعلمنا أيضا أن الاستقرار لا يتحقق في لبنان إلا بوجود قوة خارجية أقليمية تفرض الهيمنة وتبسط الأمن والسلم الأهلي .. حدث هذا أيام عبدالناصر ومجيء الرئيس فؤاد شهاب بعد ثورة 58م على كميل شمعون ، وحدث بعد اتفاق الطائف الذي فرض الأمن والسلم بشراكة سورية سعودية وغطاء امريكي وعربي ودولي .. أي ان شعار "سيادة لبنان واستقلاله" الذي يتذرع بها البعض شعار كاذب فلم يكن لبنان يوما سيدا أو حرا أو مستقلا ..
إن (حزب الله) جزء أساسي وحليف هام في محور إقليمي واسع ، ومن يتغافل عن رؤية هذا التقابل بين "المحور الأمريكي" وأتباعه وأدواته و"محور المقاومة" القائم على علاقة الحلفاء الأنداد المتشاركين على قدم المساواة فليوفر تحليلاته وقراءته للمشهد لنفسه ، لأنها رؤية قائمة على أساس خاطي وفاسد لا ينتج معرفة حقيقية بالواقع أو فهما عميقا لما يجري فيه ويعتمل من صراعات وتفاعلات ، والحوار في تلك الحالة غير نافع ..
ليست المقاومة بحاجة لدروس من الدهماء في الواقعية السياسية والبراغماتية وفن الممكن وكيفية التعامل مع العدو الإسرائيلي في كل الجبهات سواء بأسلوب المقاومة المسلحة او بأسلوب التفاوض والدهاء .. ولا ينبغي أن نكون صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم فبعد حرب 2006 العدوانية على لبنان وما أعقبها من جدل حول الحرب والنصر والهزيمة خرج (تقرير فينوغراد) الذي اعترف بفشل تلك الحرب وأنها نكسة وإخفاق خطير ، وقد استقال وزير الدفاع ورئيس الأركان الإسرائيلي قبيل صدور هذا التقرير وكاد يستقيل ايهود أولمرت رئيس الوزراء ، فهل نأخذ بكلام "الصبيان" ونترك كلام "المعلمين" .. هذا لايجوز !
ولكن الشيء الهام في موازين (النصر والهزيمة) ليس هو حجم الدمار المادي وخسائر البنية التحتية والضحايا البشرية رغم قسوتها وفداحتها، بل قدرة الطرف المنتصر على فرض إرادته على الطرف المنهزم وإجباره على الخضوع لمشيئته .. وقد ارتدت اسرائيل مدحورة لم تحقق أي هدف من أهدافها في تلك الحرب بل زادت قوة حزب المقاومة أضعافا وتعاظمت حتى وصلت لمرحلة "توازن الرعب" وليس "توازن القوة" الذي يجعل العدو يفكر طويلا قبل أن يعاود اعتداءاته على لبنان من جديد .
وفي الحقيقة إن ذلك الجدل يعيد للذاكرة ما سبق أن قيل عن العدوان الثلاثي على مصر عام 56م وهل هو نصر أم هزيمة ؟؟ فرغم عدم التكافؤ في القوة بين مصر وقوى الاستعمار القديم ( بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ) إلا أن كل تلك القوى العظمى فشلت في تركيع المصريين أو سحق إرادتهم بالتحرر والاستقلال والسيادة ، وغرقت تلك القوى المعتدية في مياه البحر المتوسط وانبثق عالم جديد وموازين قوى جديدة ..
لقد آن الأوان يا محترم أن تتبرأ من هذا الانتماء (الإخواني) المفضوح الذي يعني الولاء للتنظيم والمرشد على حساب وطنك ومليكك ، والذي يجعلك تنبري مدافعا عن الكيان القطري ، وكأنك لم تسمع التسريبات التي تكشف تآمره وسعيه لتقسيم بلدك إلى أقاليم أو ترى أصابعه الملطخة بدماء السوريين والليبيين والمصريين بعد أن جند نفسه لاسقاط الأنظمة العربية ونشر الفوضى والدمار حسب مشروع الشرق الأوسط الجديد . ولا تعاود الكلام الفارغ عن (حزب الله) والمقاومة وحلفاءها مرة أخرى ، فلن يفيدك ذلك شيئا أو يحل التناقضات التي لازالت بدون حل !!