كيف ولماذا نجح عبد الحليم حافظ ؟
العوامل الفنيــــة :
1. صوت مميز :
· صوت طبيعى: كان صوت عبد الحليم يخرج من صدره لا من حنجرته ، على غير طريقة من سبقه من المطربين ، ومعنى هذا أنه يستخدم صوته الطبيعى والأكثر تلقائية من أصوات الحناجر المحترفة ، وأنه يتمتع برنين صوتى خاص ناتج عن استخدام التجويف الصدرى فى تكبير الصوت وإضفاء بعض الصدى
· صوت واضح: الوضوح التام فى النطق ومخارج الألفاظ ، دون صعوبة فى تتبع الكلمات أو حفظها ، ويندر أن يتساءل المستمع لعبد الحليم ماذا يقول؟
· صوت محدود: انحصار مساحة الصوت فى الطبقة الصوتية الوسطى ، وقد تم لعبد الحليم التغلب على محدودية مساحة صوته بتعلم كيفية التعامل مع الميكروفون ، ولم يكن هذا عيبا كبيرا بل ربما أفاده كثيرا بخروج جمهوره ولو نسبيا من دائرة الاستماع إلى دائرة الترديد كما سنشرح بعد قليل
· صوت منضبط: يقال فى المطرب الجيد أنه يجيد ضبط صوته مع النغم كما يجيد الموسيقى ضبط إصبعه على الوتر ، هكذا كان عبد الحليم يغنى بصوته متناغما تماما مع اللحن فى الدرجة والطبقة والمقام وهذا مرجعه أساسا إلى الأذن الموسيقية الحساسة التى تستطيع تمييز النغم كما تستطيع ضبط الصوت والتحقق من التناغم
2. أسلوب الغناء :
كان أسلوب غناء عبد الحليم جديدا فى وقته
· لم يكن يقلد أحدا ..
· قدم غناء بأداء مستقيم لا يعرف التلوين ولا الزخرفة الصوتية ، أغانى سلسة يستطيع أداءها كما لو كان يتكلم
· الاعتماد على الميكروفون فى توصيل الصوت الطبيعى وحسن استخدامه ، والواقع أن عبد الحليم فى وقته كان أكثر المطربين اعتمادا على حساسية الميكروفون الناقل الأمين لتذبذبات صوته الطبيعى ودون استخدام للطبقات الصوتية العليا
· الاعتماد على التعبير أكثر من الصوت
لاقى هذا الأسلوب رواجا لدى الجمهور حيث كان باستطاعته ترديد هذه الأغانى بسهولة ، ولم يعد يحتاج الأمر مطربا محترفا
3. الألحــان :
جاء عبد الحليم على ظهر موجة جديدة من الألحان المميزة ، ساعده فى ذلك صديقاه الملحنان كمال الطويل ومحمد الموجى بتبنيهما لهذه الموجة
· بساطة الجملة الموسيقية واستقامتها
· البعد عن الزخرفة
· التزام المطرب باللحن المكتوب
· استخدام التوزيع الموسيقى كلما أمكن
· استخدام آلات جديدة
· قصر الألحان إلى بضع دقائق للأغنية
· استخدام المقامات السهلة
لم تكن هذه الاتجاهات جديدة تماما ، فقد سبق بها ملحنون أقدم مثل محمد عبد الوهاب والقصبجى ، غير أن أن الملحنين الجدد التزموا إلى حد بعيد بهذه المحددات مع عبد الحليم بالذات بينما قدموا ألحانا أكثر تقليدية لغيره مثل أم كلثوم ، وهنا نستطيع القول بأن اللحن لم يكن ينفصل كلية عن شخصية وأسلوب المطرب ، وقد استمر اختلاف أسلوب التلحين عند اختلاف المطرب هذا حتى الستينات والسبعينات ، وحتى تكتمل المقارنة نقول أن الألحان قبل ذلك كانت توضع بصرف النظر عمن سيغنيها ، ونجد شيئا مماثلا فى السينما والمسرح وهو تفصيل السيناريو أو النص على شخص البطل
4. تكريس التجديد :
ـ امتنع عبد الحليم عن أى عمل يحسب للقديم من أى لون ، لا أدوار ، لا موال ، لا طرب زائد ، ، لا ألحان قديمة أو تراثية ، والتزم بهذا الخط لعقدين كاملين قبل أن يشترك فى موجة العودة إلى التراث فى أواخر الستينات بتقديم أغان تستخدم شكل الموشحات مثل "كامل الأوصاف" مع محمد الموجى و "قدك المياس" مع بليغ حمدى ، وأخرى تستخدم الفولكلور مثل "التوبة" و"على حسب وداد" و"سواح"
ـ عاد عبد الحليم للتجديد فى الألحان بعد تلك الموجة عندما غنى بضعة ألحان لعبد الوهاب وبليغ والموجى تميزت بموسيقى جديدة وأساليب مميزة فى الأداء ، وربما أتيحت الفرصة للتجديد فى الموسيقى والألحان بسبب طول تلك الأغانى التى كانت تصل إلى نصف ساعة أحيانا وبدت كل منها كما لو كانت عدة أغان موصولة فى عمل واحد