إن التسامح هو تلك الموجات الناعمة من الراحة
التي تسري في نفوسنا
ما إن نبدأ بمسامحة الآخرين .
إنه التحرر من الإحساس بالحرج والألم .
وهو الذي يجعل نفوسنا مرآةً مصقولة
لاستقبال أنوار السماء .

إن التسامح هو التحرر من هواجس النفس الباعثة بالرسائل السلبية
التي تهمس لنا بأننا ضعفاء
وضحايا لظلم الآخرين
في عالم لا إنصاف فيه .
فالتسامح هو استجماع للقوة الداخلية .

عندما نتسامح مع الآخرين
فإننا نكون بذلك
قد اخترنا لأنفسنا أولًا الحب
بدلًا من الخوف .
وحلاوة الصفح
بدلًا من مرارة الحقد .
وهو العلاج الأكيد لصحتنا النفسية والجسدية .
وعندما لا نصفح فإننا بذلك نتجمد في الكراهية .
إن القرار بعدم التسامح
هو قرار باستمرار المعاناة .
والتسامح بمثابة
ممحاة تزيل آثار الماضي وآلامه .
والتحرر من قيود الخوف والغضب
التي فرضناها على أنفسنا .
وسبيلنا لاستعادة الصحة والسعادة .

تشاحن طالبان أمام المعلم الحكيم
واشتد ذلك بينهما
فتحول إلى تجريح واعتداء .
فطلب المعلم من الطالب المُهان
أن يصفح عن مهاجمة الآخر .
فأجاب الطالب : مستحيل أن أصفح عنه .
فهو الذي بدأ بالاعتداء .
عندها بسط المعلم يديه إلى السماء قائلًا :
إلهي أعلن الآن أمام الملأ
أننا قد استغنينا عنك يا إلهي
وعن رعايتك للبشر .
لأننا أصبحنا قادرين
على أخذ ثأرنا بأيدينا .
ويحق لك الآن أن تتركنا لشأننا .
وهنا شعر التلميذ المُهان بالحزن والندم
لرفضه التسامح والصفح
عن إساءة أخيه .

إن مواجهة التجريح بالتجريح
يضعف من قدرتك وثقتك بنفسك
في مقاومة الصعاب .
فإذا وجدت نفسك غير قادر على السماح
فاختر أن تواجه أخاك وتعبر له
عن مشاعرك المجروحة بهدوء وبلا قسوة .
واطلب منه أن يستمع إليك ويتفهم
ماتعانيه من مرارة نتيجة فعله
وقد يغدو لك صديقًا ومحبًا .

إذا وجدت نفسك مهمومة
من الأشياء الصغيرة .
وأن روحك قد تعبت من الحياة .
وقلبك يحزن من توافه الأمور ،
أو أن هناك شخصًا أسأت أليه
ونسيته مجروحًا مع أحزانه
وهو ينتظر منك السماح ،
فأنصحك أن تبادر بالسماح .

إذا وجدت الدنيا الرحبة
قد ضاقت في عينيك ،
وهذا الربيع وذلك العصفور
وكل جمال العالم
لا يدخل البسمة إلى قلبك
وأن أصدقاءك قد بدأ الواحد منهم
تلو الآخر يتسلل من حياتك
وأصبحت وحيدًا حزينًا
فقد يكون هناك شخص
في مكان ما ينتظر منك
أن تطلب منه السماح .
فبادر بالسماح من أجل نفسك .
إن السماح هو اولًا من أجل أنفسنا التي نسيناها .
ومن الجروح التي تسببنا فيها للآخرين
من حيث لا نشعر .

إن السماح
استرجاعٌ لصفاء أرواحنا .
وتمهيدٌ لاسترداد قلوبنا
ماتستحقه من سلام و أمان .

إن مسامحة أنفسنا
على هفواتنا الصغيرة
ستجعلها لن تجرؤ على ارتكاب
الهفوات الكبيرة

بادر بالسماح من أجل نفسك .

قال لي صاحبي :

لقد تركتني حبيبتي
بعد لحظة غضب مني ، ولن أسامحها ،
سأنتقم ..!

فقلت مع نفسي إن علاجه الوقت .
فقد ينهض من بؤسه يومًا ما ،
أو قد يبقى يأكل في نفسه خمسين عامًا ،
وبعد أن ينهكه التفكير
سيستنجد بي لأقول له :

السماح طريق الأقوياء ،
وصفة الرحماء على أنفسهم
من التلف في التفكير فيما لايضير .!

كان سقراط يحث تلاميذه على التفكير
ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم ،
فيطرح أسئلة على غرار :
هل غضبك سيوصلك إلى نتيجة ..!
هل تشعر بالسعادة وأنت على هذا الحال ..!

فيبدأوا بالتفكير في هذا البؤس
الذي وضعوا أنفسهم فيه
حينها تبدأ عندهم لحظة التغيير .

مشكلتك هي مع نفسك
إنما أنا صديق ..
لست سوى بوصلة
تشير إلى الطريق ..!

فالإنسان هو وحده
صانع سعادته ،
وقبطان سفينة حياته ..!

" شمعة "

لقد أصدرت قراري
بالعفو الشامل والصفح التام
عن كل شخص أحزنني بأي طريقة
في الماضي والحاضر .

إن قلبي كبير بما يكفي
لمسامحة كل من أساء لي
ولن تبيت الإساءة
في قلبي أبدًا .
لن يغفو لي جفن
إلا بعد أن يصبح قلبي صافيًا كالماء العذب
فأنام قرير العين .

إن السماح يجعلني أقوى
ويمدني بالطمأنينة والسكينة
والإحساس بأنني إنسان أفضل .

إن السماح
يجعلني أشعر بالحرية التامة
وهو صفة الأبطال ..!