تحليل لمعجزة طلال الموسيقيه (أنا راجع أشوفك) .. .. .. !!0000عاشق الراست
هذا الموضوع للاستاذ عاشق الراست
ارجو اعادته باسمه
000000000000000000000000000000 000000000000000000000000000000 00
في البدايه أعتذر لأخي العزيز والحبيب (صرختي تذبل) على الإستعانه برسالته الخاصه التى طلب فيها مني تحليل موسيقى لمعجزة طلال الموسيقيه (أنا راجع أشوفك) ، هذه الرساله أرسلها بالتحديد قبل شهر ونصف ومن يومها وأنا في متاهه موسيقيه معقده ليست واضحه ، ومذهول من غرابة هذا اللحن الذي لم أسمع ما يشابهه من أكبر الملحنين العرب ، كنت في موقف لا أحسد عليه ، أولاً وضعي النفسي الصعب والمشاكل المحيطه بي جعلتنى أفقد التركيزالدقيق للتحليل ، وخصوصاً أن هذه الأغنيه ليست مألوفة التحويلات والنقلات الموسيقيه وليست سهله أبداً ، رأيت نفسي أمام شيء أجهله فعلاً في الموسيقى ، كان عندي مشكله كبيره في هذه الأغنيه في مقطع لم أفهمه ولم أستطع تحديد مسار هذه النقله في أي منطقه وكأنها سحر ، وأحسست بحاله من الضياع مع هذا اللحن الإعجازي الكبير المعقد ،، وكنت أنوى الإعتذار من أخي طارق عن تلبية الطلب لأول مره ، ولكنى وقفت أمام الثقه الكبيره التى ناشدني بها هذا الرجل في رسالته في بدايات إنتسابي للمنتدى ، وتذكرت وعدي له بأن أقوم بشرحها موسيقياً ، لقناعتي الشخصيه أن كل أغنيه مهما بلغت تحويلاتها لكنها تمشي حسب خريطه مقاميه متعارف عليها في عالم التلحين والتأليف الموسيقي وقد تشبعت بأعمال كبار الملحنين العرب بدون ذكر أسماء لأن الأسماء كثيره ، ولأول مره أقف عاجزاً هنا في محطه طلاليه إعجازيه وتسائلت كثيراً لماذا لا ينصف الإعلام هذا العملاق المبدع عربياً ؟؟!! لماذا لا يهتمون بتدريس أعماله والإهتمام بها أكاديمياً وتنويتها ؟؟ هناك دكاترة موسيقى وملحنون في الخليج أخذوا أكبر من أحجامهم إعلامياً ولكن لو إجتمعوا كلهم والله لن يستطيعوا أن يأتوا بعبقرية لحن كهذا !! لا نرى هؤلاء الدكاتره الاكاديميون إلا في مقابلات صحفيه أو بالتلفزيون يتحدثون عن تدنى الفن في الخليج ،، لكن أين هي دراساتهم لماذا لا يهتمون بتعريف الناس بهذه الأسرار وهذا الفنان الذي تفتخر به السعوديه على مستوى الفن والموسيقى لأنه ظاهره موسيقيه لن تتكرر ، يكفيهم أن يذيعوا أغنية (أنا راجع أشوفك) يومياً ، أو أن تكون ماده دسمه لطلاب العلم الأكاديمي الموسيقى ، أنا في بالغ الألم والدهشه لإهمال أعمال هذا الموسيقار الكبير من الجهات الموسيقيه والإعلاميه .
لا أخفي عليكم أخواني أنني كنت في كامل الرهبه من هذه الأغنيه العظيمه المنفرده بهندستها الإبداعيه والتى تحمل رساله موسيقيه من طلال لكل موسيقيي العرب ، هذه الأغنيه أكبر دليل على أن الله أعطى طلال مالم يعطيه لغيره من المبدعين ، هنا تذكرت جمله قالها دكتوري أثناء تدريسي للموسيقى ، أن الله يعطي عديم الحيله ليستعجب صاحب الحيله ، ولله في ذلك حكمه حتى لا يصيب صاحب العلم الغرور أنه الأفضل فيظهر له شخص جاهل بالعلم ويتفوق عليه بشيء لا يتوقعه صاحب العلم ، في نهاية المقدمه أود أن هذه الأغنيه لم أفهمها إلا أثناء سفرى إلى مصر قبل أيام في مكاني المفضل على ضفاف النيل والإعتكاف مع الروح وكان نديمي طوال الوقت طلال مداح وهو يغني حتى سكرت روحى نشوة بما أسمعه من طرب .. وهناك فهمت أغنية (أنا راجع أشوفك) بعد تأملها عميقاً والذهن صافي من أي شوائب تمنع التركيز.
----------------------------------------------------------------------------------------------
قراءه تحليليه للحن أغنية أنا راجع أشوفك
قبل تحليل اللحن أحب أن أوضح أن عزف هذه الأغنيه يتطلب معرفه كبيره بالموسيقى لأنها تمتليء بمختلف أساليب الريشه التكنيكيه ، وأيضاً يتطلب معرفه جيده بالمقامات وأماكنها على رقبة العود ، ووإحتراف ومستوى متقدم ، ولا يستطيع أن يعزفها أي هاوي بالعزف ، من دون دراسه كافيه قبل الوصول إلى مستوى عزف هذه الأغنيه بشكل صحيح
إختار الموسيقار طلال لهذه الأغنيه مقام الدخول والبدايه (مقام الشجن والحب والشوق) وهو بلا شك أحسن الإختيار بما يتناسب مع موضوع النص والكلمات ، ومما زاد تأكيده لقوة إحساسه وعاطفته صور المقام على درجة قرار نغمة (لا) في الوتر الرابع من العود ، حسب رأيي وإحساسي أن هذه المنطقه عميقة العاطفه تختلف لو أخذنا البياتي من مكانه الطبيعي من درجة الري على الوتر الثالث ، وأقرب مثال لهذه المنطقه الشجيه المفعمه بالعاطفه أغنية (قد الحروف) بصوت عبادي الجوهر على العود ، غناها بكامل الإحساس الشجي الذي يتملك القلوب بلا إستئذان .
ثم المقدمه الموسيقيه تؤكد لنا قوة إحساس هذا الموسيقار المميز ، الفرقه الموسيقيه من أكفأ العازفين وأعذبهم عزفاً عزفوا اللحن ويتضح معي تأثرهم العميق لم يكن عزفهم من أجل الماده ، لأن أصابعهم تنطق بالإحساس الصادق وهم يعزفون ، هذه الأغنيه تثير رغبة أي عازف مخلص للفن ومحباً للموسيقى ومحترف كي يبوح بما في صدره من أحاسيس وفن ،،، المقدمه مرصعه بصولوهات كمنجه من ضمن المقدمه تفيض بالإحساس الصافي الشجي من البياتي ، والمقدمه محبوكه أكاديمياً وتمتليء بالعلامات الموسيقيه المختلفه ، لا يبدعها إلا صانع ألحان محترف وخبير كبير الإحساس والإخلاص لما يقدم لجمهوره ومستمعيه .
كما سبق وذكرت في رؤية تحليليه لأغنية مر الزمان ، أن طلال يتفاعل مع الكلمات ومضمون المعنى ويختار ما يناسبه من النغم في التعبير عن الكلمات ، بشفافيه وكأنه هو الشاعر الذي كتب الكلمات بخياله وإحساسه أو تجربته ، فنسمع الأغنيه من طلال مضاعفة الإحساس ، إحساس الكلمه وإحساس طلال الكبير بالشاعر والكلمات وإضافة إحساسه الموسيقى الضخم ، فعندما يقول الشاعر ( أنا راجع أشوفك سيرني حنيني إليك) يغنيها طلال كأنه يعيش التجربه بصدق ويتطابق هنا المعنى للشوق والمحبه في الكلمات مع التعبير الموسيقى بإحساس موسيقى مذهل من طلال.
ثم في الدقيقه 3:50 يتغير مسار التعبير في الكلمات ومخاطبة الحبيب (رجعلي اللى شفته معاك) وهي ذكريات جميله في قلب المحب ،، فيأخذ طلال منحنى بياتي (الحسيني) الشرقي الأصيل ، وهو بياتي (لا) لكن الفا هنا سيكا 3/4 النغمه .. ويتغير الإيقاع إلى إيقاع شرقي مبهج ، لتكتمل صورة فرحة المحبه والذكريات الجميله ، ثم يرجع إلى البياتي من جواب نغمة (لا) في قفلة الكوبليه ليقفز في الرجوع إلى البدايه بقفزه عبقريه والمرور على نغمة الفا دييز ، وكأنه سوف يستعمل البياتي الشوري ، لكنه يأخذ من حجاز الري (فا دييز) ثم ينهي الكوبليه كما بدأه من اللا.
في الدقيقه 4:35 دخلت الموسيقى بالإرتكاز على نغمة جواب اللا .. إلى مقام عجم الجهاركاه (الفا) ولكن طلال الخبير لا يبدأ العجم من ركوزه .. يستند على اللا .. حتى لا يتقيد بالعجم ويبتعد عن منطقة اللا ، لأنه يفكر بالرجوع إليها بعد ذلك ، في هذه الخطه الهندسيه يضع هنا رابط بين العجم من الفا ، ومنطقة قرار اللا والمقامات المتاحه هناك ، في بداية الموسيقى هنا جمله جميله رائعه لا تؤدى إلا بالعلم والإستخدام الإحترافي للريشه أو قوس الكمان ، وهي جمله من عجم الفا ... ري لا .. لا سي دو سي لا سي دو سي لا .. ثم تأهيل للدخول إلى إستخدام حجاز الكردان ( الدو) على الوتر الأول .. ري لا .. لا سي دو ري (بيمول) دو سي لا سي دو ... نلاحظ الري على الوتر الأول جاءت ناقصه على طرف الرقبه وتسمى في علم الموسيقى (بيمول) ناقصه عن مكانها الطبيعي ... ثم نسمع دخول الناي على حجاز الكردان جواب الدو ... ثم تسليم الكمنجات في نهاية الموسيقى من العجم وإنتهائها بنغمة الفا التى هى ركوز مقام العجم .. أما طلال لا يريد أن يتقيد بالعجم ويبتعد عن هدفه المرسوم في خياله .. يدخل طلال من جواب الا في الدقيقه 5:18 دقيقه ليمر على الفا ويتسلل مع الغناء بكل عبقريه إلى مقام حجاز (الا) .. فيكون بهذا رجع إلى منطقة الأمان بالنسبه للمنطقه الأساسيه والرئيسيه في اللحن (لا) وهذه النغمه هي المسيطره والمتحكمه في كل التحويلات .
أما في الدقيقه 5:54 ندخل إلى البراعه الإعجازيه في عالم التلحين والخطوه العظيمه التى لا تخطر على بال فنان أو ملحن إلا من رزقه الله هذا الإعجاز الموسيقى ، يدخل طلال وهو على حجاز (اللا) إلى الهزام من درجة المي (سيكا) ثم يشجينا بتراقص النغمات الشرقيه على وتر الصول ،، يدخل الهزام بعد أن أعطته الكمنجات لزمه بسيطه عبقريه فيسحبون نغمة المي على الوتر الثالث إلى مي سيكا شرقيه بعد أن كانت في مكانها .. في الهزام هنا نذكر أغنية أسمهان المشبعه بالشرقيه (أهوى أنا أهوى) .. في الحقيقه لم أسمع في أعظم الأعمال من تجرأ أن يدخل بتجربه عبقريه كهذه التجربه التلحينيه المعجزه .. بأن يفكر وهو في حجاز الوتر الرابع أن يدخل بكل جرأه إلى هزام المي على الوتر الثالث !!!!! هكذا نكون قد إستمعنا لحس مقام الحجاز على ثلاثة أوتار في العود .. الوتر الأول والثاني والرابع والنصف الآخر من الحجاز على الوتر الثالث عن طريق نغمة الفا دييز .. في ختم الكوبليه لنعتقد أنه يريد إستخدام البياتي الشوري وهو يحتوي على الحجاز في فرعه من المقام الأساسي البياتي.
ثم في الدقيقه 6:12 ترجع به الكمنجات من روح مقام الهزام إلى روح مقام حجاز اللا ،، عن طريق إستخدام نفس الحيله الذكيه العبقريه بأن يسحب المي إلى وضعها الطبيعي (بيكار) في لزمة الكمنجات ،، ليرجع إلى الحجاز الذي بدأه قبل الهزام ،، لاحظو لزمة الكمنجات في الدقيقه 6:12 كيف جعل طلال مسار اللحن يرجع إلى الحجاز.
طلال أعاد المقطع من الهزام مرة أخرى في الدقيقه 6:50 ليؤكد تفوقه وليلاحظها من يفهم من كبار الموسيقيين والملحنين . وكانت رساله موسيقيه ، وليست رساله عبر المقابلات والحديث والتفاخر .
ثم في الدقيقه 7:18 لا يتوقف إبداع طلال ومخزون الأنغام والأفكار الموسيقيه والخيال الموسيقى الخصب ،، فينتقل إلى مقام الكرد من اللا الجواب ،، وأعطيكم مثالاً لروح هذا المقام والموسيقى الرشيقه من لحن أغنية إنت عمري .. التى لحنها عبدالوهاب لأم كلثوم ،،، ويترك طلال مساحه جميله في هذا المقام المفعم بالرومانسيه والرشاقه لصولوهات على آلة الكمان ،، وقد وضعها في مكانها المناسب ،، ثم تسلم الكمنجات الجماعيه بعد الموسيقى لطلال بداية الغناء ،، ويتوقع المستمع أن يكمل طلال الغناء من مقام الكرد ، لكنه يفاجأنا بالرجوع مره أخرى إلى حجاز اللا والغناء منه ، كما إستخدمه في الكوبليه الذي سبق.
ثم في الدقيقه 9:03 من الوتر الثاني الصول ،، ترقص النغمات الشرقيه فيستخدم بياتي الحسيني مره أخرى كان قد إستخدمه للتعبير عن ذكريات مفرحه مبهجه. أو أمنيات كلها فرح وسعاده.
ثم يرجع طلال في النهايه كما بدأ من بياتي اللا ،، بعد رحله طويله جميله عبقريه بين أوتار العود ،، فإستحق عن جداره اللقب الذي منحه إياه الموسيقار محمد عبدالوهاب (بزرياب الفن).
كانت هذه وقفتي مع هذا اللحن الرائع الإعجازي الذي لفت أنظار كبار الموسيقيين في مصر حسب ما ذكر أخي صرختي تذبل في رسالته ،، وأعتقد أن هذه الأغنيه هي التى أثارت إهتمام محمد عبدالوهاب وجعلته يزور الموسيقار طلال في بيته ويهتم به ، لأن محمد عبدالوهاب كان الأول في تعجيز وإرهاق الموسيقيين الذين يشاركونه العزف في أغنياته ، وقد صرح أنه كان يكره الرتابه والسطحيه التى تعاني منها الموسيقى العربيه قبله ، وإنكار كل أفكار جديده في تلحين الأغنيات ، كلها تسير في منهج واحد ممل ، فكان يتلذذ بتعذيب أصابع العازفين بأصعب التحويلات وإستخدام الكثير من النقلات في اللحن الواحد ،، وكأنه يقول لهم إكسروا قيود السطحيه وتعمقوا ،، أما طلال فإنه يسير على نفس خط عبدالوهاب التلحيني ، لكن بأسلوب مميز بعيداً عن التأثر بأفكاره الموجوده في أعماله ، لذلك أنا أربط الحجم الفني بين الموسيقار طلال مداح والموسيقار محمد عبدالوهاب ، ويبقى الفارق بينهما إختلاف البيئه واللهجه والموروث التراثي الموسيقي بينهما ، إقنعت الآن بكلمه قالها عضو هنا في المنتدى لو أن طلال المبدع العبقري كان في مصر ،، لما عانى وعانينا من إهماله إعلامياً !!!!
في الختام أعتذر من الجميع عن أي تقصير
وأنا حاضر لأى إستفسار بخصوص شرح اللحن .
أسأل الله لي ولكم التوفيق
وأن يرحم حبيبنا طلال برحمته الواسعه
آمين يا رب العالمين
