بعد تحول الموضوع لمرتع لمحبي الأستاذ عبدالكريم بكل تعاوناته مع الجميع و ليس حصراً مع الدكتور عبدالرب إدريس ارتأينا أن نجعل الموضوع عام لسيرته و كل تعاوناته بالإضافة إلى إسهابنا المتقدم حول ثنائيته مع الدكتور عبدالرب .
عبدالكريم عبدالقادر أسطورة الفن الخليجي "سيرة و أغنيات"
يمثل المطرب الكويتي عبد الكريم عبد القادر حالة لها خصوصية معينة، لا يمكن ان توجد على صعيد الأغنية الخليجية بشكل خاص والعربية بشكل عام، يمتلك صوتا رخيما، دافئا، صافيا، قويا، مميزا بالقرار، وتحكما مميزا على صعيد طبقات الصوت والتلوين.
عبد الكريم او كما يحلو للكثير ان يطلق عليه «أبو خالد»، يعتبر اليوم من جيل رواد الاغنية الخليجية، وعلى الرغم من أن أصوات كثيرة خرجت معه في أواخر الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، منهم حسين جاسم ومصطفى احمد وغزي العطار وغريد الشاطئ وشادي الخليج وغيرهم، لكن وحده عبد الكريم الذي ظل متواصلا متألقا في الساحة الخليجية، رغم خروج الوان غنائية جديدة، والفيديو الكليب، والموجات الشبابية الأخرى، ظل عبد الكريم «ستايل» لا يتغير، أغنياته فيها مساحة من الرومانسية والعاطفة الجياشة، القصائد التي يختارها عادة ما تكون حكاية جميلة تحتوي على الرومانسية الجميلة الحالمة. وظل عبد الكريم على نفس الوتيرة، رغم ان البعض كان ينادي بضرورة تغيير نهج عبد الكريم لكي يتماشى مع لغة العصر، وإلا فإنه معرض للسقوط والنسيان كما الآخرون، لكن هذا وعبر تلك الحقب الأربع التي مرت على أبو خالد، وما يزال هو الأكثر حضورا، لم تطويه الاغنية الشبابية، وحافظ على الفئة التي تنتظر نتاج جديد لعبد الكريم عبد القادر.
لكن في ظل امتلاكه لطبقات الصوت الرخيم، والعذبة، التي لا تحتوي على التشويه كما بعض المطربين اليوم، الذين بحاجة الى كثير من الفلاتر الصوتية، من أجل ان يخبأ النشاز الكامن على تلك الاصوات، لا بد من أن يأتي تساؤل آخر، هل يكفي ان يمتلك فنان صوتا جميلا ليكفل له النجاح والتميز والاستمرارية.
تأتي الاجابة سريعة، بالطبع لا، ففي زمن عبد الحليم حافظ كمثال لا حصرا، كان هنالك محرم فؤاد الذي امتلك صوتا جميلا عذبا، لكنه سرعان ما هوى بسبب اختياراته، وهو الشأن ذاته، مع المطرب حسين جاسم الكويتي الذي غنى أغنية اطلق عليها رائعة الاغنيات الكويتية «حلفت عمري»، ورغم ان لديه صوتا صافيا، جميل الى درجة لا يمكن ان نصف شخصا اخر يمتلك هذا الصوت وهذه العذوبة، ومع ذلك تجاوزه الناس، وظلو يتابعون عبد الكريم. إذن المسألة اختيار وفريق عمل يعمل على إبقاء هذا الفنان في التميز دائما.
عبد الكريم كان ولا يزال محظوظا في فريق العمل الذي يعمل معه، وبخاصة تلك الاسماء التي تتعامل معه منذ انطلاقته، واول تلك الاسماء الملحن الدكتور عبد الرب ادريس، الذي رافقه في مسيرته الغنائية، وعبد الرب بالاضافة الى انه صديق مقرب لعبد الكريم، ايضا هو ناقده وملهمه، وصاحب دربه، بل هو أكثرهم معرفة بطبقات صوت أبو خالد، ومعرفة بما يصلح له من قصائد وألحان تخدم تلك الطبقة.
منذ التعاون الاول عرف عبد القادر ان عبد الرب ادريس هو ضالته، هو مرتبط بالنجاح والتألق. بدأ مشوار الاثنين بأغنيات كان لها وقع كبير على المستمعين، منها: «عاشق» التي كتبها الشاعر الغنائي الرائد عبد اللطيف البناي، الذي ظل لعقود طويلة افضل من كتب الاغنية الخليجية، وكان رفيق ذلك الثنائي المبدع عبد الكريم عبد القادر وعبد الرب ادريس.
فقدم لهما «عاشق»، ثم «أنا رديت»، بعدها «غريب» التي أطلقت عبد الكريم الى عالم الشهرة ايام الستينيات، بل طافت دول المعمورة الخليجية، وإستمر هذا التعاون، فقدم هذا الثلاثي «باعوني»، لكن عبد الرب كان يعي جيدا أن هنالك شعراء ايضا بقيمة البناي، مثل بدر بورسلي، فمن التعاون الاول قدم هذا الاخير «اعترفلج»، ولأن عبد الرب كعادته في التلحين، قدم أجمل ألحانه في هذه الاغنية، وباتت اليوم أجمل أغنيات عبد الكريم، بل أنها صارت اليوم، مدرسة خاصة بذاتها، على أصعدة اللحن المميز، والكلمة الرائعة، والأداء العذب.
ولان بورسلي كان في بداياته، فقد قدم بعد ذلك اجمل ما عنده من قصائد، فقد وداعه، ثم «تأخرتي» التي نالت نصيبا كبيرا من الشهرة، وظلت لعقدين كاملين يتغنى بها الناس، كما هو الحال مع اغنيات عبد الكريم التي لا تزال عالقة في وجدان المستمع الخليجي.
بدر بورسلي ظل في هذا التواصل مع الثنائي الأكثر تميزا عبد الكريم وعبد الرب، فتعاون معهما بـ«محمل الخير»، و«3 سوار»، و«باختصار»، و«هذه الكويت»، و«اسم الله حولج»، و«مرني».
وجميع تلك الاغنيات ظلت في الذاكرة الى يومنا هذا، كما ان بورسلي قدم العديد والعديد لكنها كانت من ألحان آخرين، لكننا هنا بصدد الاغنيات التي تصدى عبد الرب لألحانها، وكذا الحال مع البناي الذي استمر مع هذا الثنائي فقدم ايضا «جمر الوداع»، و«شخبارك» و«لا للرجوع».
أما من جيل الثمانينيات، فقد تعاون عبد الرب وأبو خالد مع الشاعر الراحل عبد الأمير عيسى، وأحمد الشرقاوي، فالأول كتب أغنيات «مجاريح»، في ما كتب الشرقاوي أغنيات «تبقي الكويت»، و«تسلم ياوطني».
ولا يتوقف هذا النتاج الى حد، فقد كان هذا الثنائي نهرا لا ينضب من العطاء، فتعاونا مع يوسف ناصر «توكل يالازرق»، و«احب الجيات»، أما الشاعر الغنائي الراحل خليفة العبد الله فتعاون في أغنية «أحوال العاشقين»، لكننا وللحق لا ننسى اغنية هذا الاخير التي قدمها لعبد الكريم «ردي الزيارة».
وعبد الرب وعبد الكريم لم يتوقف تعاونهما عند حدود الكويت، فقد طافت تلك الحدود، وتوقفا عند مهندس الاغنية الخليجية الامير الشاعر بدر بن عبد المحسن، فقدم هذا الاخير«يطري عليه»، و«احول العاشقين»، و«اه يالجراح»، و«احمدك يارب». وعلى الرغم من ان هنالك اسماء أخرى قدمت العديد من الاغنيات المميزة، إلا أن عبد الرب ادريس ظل أبرز من تعاون مع عبد الكريم وظل ابرز ثنائي عبر تاريخ هذا الفنان المبدع.
بل ان عبد الرب ادريس كان معروفا باغنياته، فهو له اسلوب خاص فيه، فكان المستمع الكويتي بشيء من الخصوصية يعي جيدا ان هذه الرائعة لعبد الرب، وعلى الرغم من عدم تعاونهما بشكل مكثف في الآونة الاخيرة لكننا نتمنى عودة هذا الثنائي بشكل أكبر، من أجل المستمع الخليجي والعربي.