مجتمعنا كما نعرف جميعاً هو المجتمع المختار المنزّه الموحد وهو أفضل شعوب الأرض أخلاقاً و أدبا لأنه شعبٌ مسلمٌ متمسك بتعاليم الدين الحنيف الصحيح، يحارب العري و التفسخ و المجون و الفجور و الفساد الأخلاقي بشتى أنواعه، هو كامل أخلاقيًا.

هذا ما عرفنا بالقول وما ترسخ في أذهاننا عن هذا المجتمع الذي يخفي مالا يظهر. جاءنا تويتر ومعه مواقع التواصل الإجتماعي الأخرى ليظهر لنا ما صدمنا به من أنواع الفساد الأخلاقي من دعارة و قوادة و فجور و زنا محارم و دياثة و مثلية الخ. و كل هذا موثق بالصور و الفيديوهات و المواقع الخاصة كذلك.

الفتاة تعرض جسدها وربما شيئًا من وجهها وربما كله بالصور و الفيديو و تحدد طلباتها و السعر وموعد اللقاء مع المكان و كأنها في إحدى بيوتات الدعارة التركية المنظمة. و القوّادة التي تقود على مجموعة من البنات و تحدد الأسعار و الأنظمة. و الولد الذي يصوّر أخته أو أمه و يتلذذ بنشر الصور و بهيجان الرجال عليها و وصفهم لقسمات وجه أخته و جسمها.

المشكلة أن الموضوع لم يعد عملاً فردياً بل أصبح ظاهرةً يجب النظر فيها بكل جدية، في السابق كنا نظن أن الأمر مجرد أوهام تترجم بمعرفات وهمية لا تمثل الواقع. ثم فيما بعد ظننا كعادتنا أن هذا الأمر مدبر من الأعداء و أن الغرض منه هو غزو أولادنا و بناتنا وتشويه صورة مجتمعنا. ولكن الحقيقة ظهرت بمالا يسر الخاطر بالإثباتات المرئية و المسموعة من برامج سناب تشات و انستغرام و غيرها بالإضافة إلى الصور و الفيديوهات الشخصية. وإلى الآن لا نريد أن نفيق من هول الصدمة و نصدّق أن هذي هي حقيقة مجتمعنا الذي كنا نظن أنه المثالي الأفضل في الدنيا !

إنّ الكبت لا يولد إلا إنفجار و ربما انتحار! هذا ما جنيناه من سياسة الكبت و قتل عقل الفرد و حرمانه من كل شيء محلل حتى أصبح يستحل كل شيء في الخفاء ثم يظهر أمام الناس وكأنه ملاك ثم يدافع عن الفكر الذي خلق داخله كل هذا التناقض الفظيع.